حتى ملأوا الفضاء، فحال ما وقع [بصر]«١» عسكره على العساكر السلطانية، أخذوا فى الانهزام من غير مصاففة، بل بعض تناوش من صغار الطائفتين، وولوا الأدبار.
ومدت العساكر السلطانية أيديها إلى عساكر تغرى برمش، فغنموا منهم «٢» غنائم لا تحصى كثرة، منها نحو المائتى ألف رأس [١١٧] من الغنم، سوى ما تمزق، ونهب جميع وطاق تغرى برمش وماله «٣» ، وانهزم هو فى جماعة يسيرة من خواصه إلى جهة التركمان الصّوجيّة «٤» ، على ما نذكره من «٥» قصته «٦» فى ذى الحجة من هذه السنة.
ثم فى يوم الاثنين سابع «٧» عشرين ذى القعدة، قدم النّجلب برأس الأمير إينال الجكمى، وكان قتله بقلعة دمشق فى ليلة الاثنين عشرين ذى القعدة، فشهرت الرأس على رمح، ونودى عليه:«هذا جزاء من حارب الله ورسوله» ، ثم علقت على باب زويلة، وقتل معه الأمير تنم العلائى المؤيدى، وكان تنم المذكور أدوبا حشما وقورا، وأما إينال الجكمى فيأتى التعريف بحاله فى الوفيات على العادة.
وفى هذه الأيام، حكم بقتل الأمير يخشباى الأشرفى الأمير آخور الثانى، وقد تقدم أنه ادّعى عليه أنه سبّ شريفا، ولعن والديه، وأن بعض نواب الشافعى حكم بحقن دمه، وسكن الحال مدة أشهر، ثم طلب السلطان من القاضى المالكى قتله؛ فاحتج بحكم الشافعى بحقن دمه، فعورض بأن المطلوب الآن من الدعوى عليه غير المحكوم فيه بحقن الدم، فصمم المالكى بأنهما قضية واحدة، ووافقه غير واحد من المالكية؛ ووقع أمور حكاها غير واحد من المؤرخين، إلى أن قتل يخشباى المذكور حسبما يأتى ذكره.