جمادى الآخرة من السنة المذكورة، وسكن المعسكر على عادة الأمراء؛ واستخلف على صلاة مصر يحيى بن يزيد المرادي وكان ليناً. ولما دخل مصر وأقام بها وقعت الفتنة في العراق بين الأخوين الأمين والمأمون أولاد الرشيد، وكانت الوقعة بين جيش الأمين وعسكر المأمون، وكان على جيش الأمين علي بن عيسى بن ماهان في عسكر كثيف، وكان على عسكر المأمون طاهر بن الحسين، وهو في أقل من أربعة آلاف؛ فلما وصل ابن ماهان بعساكره إلى الري أشرف عليه طاهر بن الحسين المذكور وهم يلبسون السلاح وقد امتلأت بهم الصحراء وعليهم السلاح المذهّب؛ فقال طاهر ابن الحسين: هذا ما لا قبل لنا به ولكن نجعلها خارجية ونقصد «١» القلب؛ فهيأ سبعمائة من الخوارزمية. قال أحمد بن هشام الأمير: فقلنا لطاهر: نذكر علي بن عيسى البيعة التي أخذها هو علينا، وبيعة الرشيد للمأمون؟ قال: نعم، فعلقناهما على رمحين وقمت بين الصّفّين وقلت: الأمان، ثم قلت: يا علي بن عيسى ألا تتقي الله، أليست هذه نسخة البيعة التي أخذتها أنت خاصة؟ اتق الله فقد بلغت باب قبرك! قال: من أنت؟ قلت: أحمد بن هشام، فصاح: علىّ يأهل خراسان من جاء به فله ألف درهم، ثم وقع القتال وانهزم علي بن عيسى بن ماهان وأصحابه فتبعهم طاهر بمن معه فرسخين بعد أن تواقعوا اثنتي عشرة مرة؛ وعسكر المأمون ينتصر فيها حتى لحقهم طاهر بن التاجي ومعه رأس علي بن عيسى بن ماهان، وأخذوا جميع ما كان في عسكره؛ فأرسل طاهر بن الحسين الرأس إلى المأمون. فلما وصل إليه البريد بالرأس سلم عليه بالخلافة وطيف بالرأس في خراسان، ومن يومئذ استفحل أمر المأمون وقوي جأشه. وجاء الخبر بقتل علي بن عيسى بن ماهان إلى الأمين وهو يتصيد السمك، فقال للذي أخبره: ويحك! دعني فإن كوثراً قد صاد سمكتين