للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنا ما صدت شيئاً بعد، فلامه الناس حتى قام من مجلسه؛ ثم جهز لحرب طاهر ابن الحسين عبد الرحمن بن جبلة الأنباري أمير الدينور بالعدة والقوة، فسار حتى نزل همذان. هذا وقد اضطرب ملك الأمين وأرجف ببغداد إرجافاً شديداً وندم محمد الأمين على خلع أخيه المأمون؛ وطمع «١» الأمراء فيه وشغبوا جندهم بطلب أرزاقهم وازدحموا بالجسر يطلبون الأرزاق والجوائز، فقاتلهم حواشي الأمين ثم عجز عنهم فزاد في عطاياهم.

ولما خرج عسكر الأمين ثانياً مع عبد الرحمن ووصل إلى همذان التقى مع طاهر وقاتله قتالاً شديداً ثم تقهقر ودخل مدينة همذان وتفرق عنه أكثر أصحابه فحصره طاهر بهمذان حتى طلب منه عبد الرحمن الأمان، ثم غدر عبد الرحمن وقاتل طاهراً ثانياً حتى قتل، وملك طاهر بن الحسين البلاد ودعا للمأمون وخلع الأمين. كل ذلك والأمين ببغداد لم يخرج منها حتى وافاه طاهر المذكور وقتله على ما سيأتي في ترجمة الأمين إن شاء الله تعالى. ولما ملك طاهر البلاد واستفحل أمره وبلغ المصريين ذلك وثب السري بن الحكم ومعه جماعة كبيرة من المصريّين عصبة للمأمون ودعا السري الناس لخلع الأمين فأجابوه وبايعوا المأمون؛ فقام جابر في أمر الأمين فقاتله السري بن الحكم المذكور حتى هزمه وأخرجه من مصر على أقبح وجه. فخرج جابر المذكور من مصر لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ست وتسعين ومائة، فكانت ولايته على مصر سنة واحدة تقريباً.

وولي مصر بعده أبو نصر عباد بن محمد بن حيّان «٢» من قبل المأمون.