عال «١» في بغداد في كل يوم نحو خمسة عشر شهراً، وكان المحاصر لها طاهر بن الحسين مقدم عساكر المأمون، والمأمون بالري، ومع طاهر بن الحسين الأمير هرثمة بن أعين وزهير بن المسيب. هذا والأمين ينفق الأموال على الجند وهو في غاية من الضيق والشدة، وقتل جماعة كبيرة من أهل بغداد، وخرج النساء من الخدور حاسرات، واشتدت شوكة المأمونية، وتفرق عن الأمين عساكره وأخذ أمره في إدبار إلى ما سيأتي ذكره. وفيها توفي بقية بن الوليد بن صاعد «٢» بن كعب، أبو يحمد «٣» الكلاعي «٤» ، كان من أهل الشام، وكان ثقة في روايته عن الثقات ضعيفاً في غيرهم، مولده سنة عشر ومائة.
وفيها توفي شعيب بن حرب أبو صالح المدائني الزاهد، كان أصله من أبناء خراسان ثم من أهل بغداد فتحول إلى المدائن ثم إلى مكة ودام بها إلى أن مات. وكان له فضل ودين متين وزهد وورع. وفيها توفي عبد الله بن وهب بن مسلم، أبو محمد مولى قريش من أهل مصر؛ كان كثير العلم ثقة ولد سنة خمس وعشرين ومائة. وفيها توفي ورش المقرئ واسمه عثمان بن سعيد بن عبد الله بن عمرو بن سليمان. وقيل عثمان بن سعيد بن عدي بن غزوان بن داود بن سابق القبطي المصري، إمام القراء أبو سعيد ويقال: أبو عمرو ويقال: أبو القاسم. أصله من القيروان، وشيخه نافع وهو الذي لقبه ورشاً لشدة بياضه. والورش: شيء يصنع من اللبن، وقيل: بل لقبه ورشان، وهو طائر معروف، فكان يعجبه هذا اللقب ويقول: أستاذي نافع سماني به. وانتهت إليه رياسة القراء بالديار المصرية، وكان بصيراً بالعربية، وكان أبيض