للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن غريب الاتفاق، أن أبا الخير النحاس كان قبل تاريخه بمدة يسيرة، شكا يشبك هذا صاحب الدار إلى السلطان، وشوّش عليه غاية التشويش، حتى أخذه أغاته «١» الأمير فيروز الزّمام، وبعثه إلى أبى الخير النحاس، على هيئة غير مرضية، فصفح عنه أبو الخير خوفا من خجداشيته، ومنّ «٢» عليه؛ والمقصود أن [١٤٤] أبا الخير، لما ضرب وطاح عن فرسه، وكان الضارب له عبد أسود «٣» ، وأخذ عمامته من على رأسه، فلما رأى «٤» أبو الخير نفسه فى بيت يشبك المذكور، هجمت العامة عليه، ومعهم المماليك، إلى بيت يشبك، وكان غائبا عن بيته، وقبضوا عليه وأخذوا فى ضربه والإخراق به، وعرّوه جميع ما كان عليه، حتى أخذوا أخفافه من رجليه، واختلفت الأقوال فى الإخراق به، فمن الناس من قال: أركبوه حمارا عريانا وأشهروه فى البيت المذكور، ومنهم من قال أعظم من ذلك، ثم نجا منهم، ببعض من ساعده منهم، وألقى بنفسه من حائط إلى موضع آخر، فتبعوه أيضا، وأوقعوا به وهو معهم عريان، وانتهبوا جميع ما كان فى بيت يشبك المذكور.

ووصل يشبك إلى داره، فما أبقى ممكنا «٥» فى مساعدة النحّاس، وما عسى يفعله مع السواد الأعظم؟ وكان بلغ السلطان أمره، فشق عليه ذلك إلى الغاية، فأرسل إليه جانبك والى القاهرة، نجدة، فساق إليه، حتى لحقه وقد أشرف على الهلاك، وخلصه منهم؛ وأراد «٦» أن يركبه فرسا فما استطاع أبو الخير الركوب لعظم ما به من الضرب فى رأسه ووجهه وسائر بدنه، فأركبه [عريانا وعليه ما يستره] «٧» على بغلة، وأردفه بواحد من خلفه على البغلة المذكورة، وتوجّه به على تلك الهيئة، إلى بيت الأمير تمربغا الدّوادار