بين يديه بفضيلة أو علم من العلوم، لكونه كان يعرفنى صغيرا لا فقيرا، فكيف حال هؤلاء مع الناس، كانوا يرتجون خدمة [أصاغر]«١» خدمهم؛ فليس هذا إلّا عظم الوقاحة، وغلبة الجنون لا غير- انتهى.
ثم فى يوم السبت ثانى شعبان، عزل السلطان علىّ بن إسكندر عن حسبة القاهرة، ورسم لزين الدين يحيى الأستادّار بالتكلم فيها، فباشر زين الدين الحسبة من غير أن يلبس لها خلعة، وكانت سيرة علىّ بن إسكندر ساءت «٢» فى الحسبة إلى الغاية.
وأما أبو الخير النحاس، فإنه استمر فى داره «٣» بعد أن قدم إليها من الليل من بيت الأمير تمربغا «٤» إلى يوم الاثنين ثالث شعبان، طلع إلى القلعة وخلع السلطان عليه كاملية مخمّل أحمر بمقلب سمّور، ونزل إلى داره وهو فى وجل من شدة رعبه من المماليك والعامة، لكنّه شق القاهرة فى نزوله، ولم يسلم من الكلام، وصار بعض العامة يقول:«أيش هذه البرودة!» ، فيقول آخر:«إذا اشتهيت أن تضحك على الأسمر لبّسه أحمر!» ، هذا وأبو الخير [١٤٥] يسلم فى طريقه على [الناس من]«٥» العامة وغيرها؛ فمنهم من يرد سلامه، ومنهم من لا يرد سلامه، ومنهم من يقول بعد أن يولى بأقوى صوته:«خيرتك والّا ينحسوها» ، أعنى رقبته. ولم ينزل معه أحد من أرباب الدولة إلا المقر الجمالى ناظر الخواصّ الشريفة، قصد بنزوله معه أمورا لا تخفى على أرباب الذوق السليم، لأنه لم يؤهّله «٦» قبل ذلك لأمر من الأمور، فما نزوله الآن معه، وقد وقع فى حقه ما وقع؟
ثم فى يوم الاثنين حادى عشر شعبان، قدم الأمراء من تجريدة البحيرة صحبة