محدقين بالقلعة، مصممين على الفتك بأبى الخير النحاس، وقد بات النحاس بالقلعة، وطلبوا تسليمه من السلطان، وعزل جوهر النّوروزى «١» عن تقدمة المماليك، وعزل زين الدين الأستادّار عن الأستادّاريّة؛ وانفض الموكب، ونزل كل من الأعيان إلى داره فى خفية، ونزل الأمير تمربغا الظاهرى الدّوادار الثانى، والأمير أزبك الساقى، وبرد بك البجمقدار «٢» ، إلى نحو بيوتهم؛ فلما صاروا بالرملة ضربوا عليهم المماليك الجلبان حلقة، وكلموهم فى عودهم إلى السلطان والتكلم معه فى مصالحهم، فقال لهم تمربغا:
فعاد تمربغا إلى القلعة من وقته وعرّف السلطان بمقصودهم، وكان الأمير الكبير إينال قد طلع باكر النهار إلى القلعة [وصحبته الأمير أسنبغا الطيّارى رأس نوبة النّوب؛ وأما الأمير تنم، فإنه كان طلع إلى القلعة]«٣» من أمسه وبات بها فى طبقة الزّمام، وأجمع رأيه أنه لا ينزل من القلعة، إلى أن يفرج عن مماليكه المحبوسين، خشية والمماليك الجلبان، فلما طلع الأمير الكبير باكر النهار، شفع فى مماليك الأمير تنم فرسم بإطلاقهم، ثم تكلم الأمير الكبير مع السلطان فى الرضى عن المماليك الجلبان، والسلطان مصمم على مقالته التى قالها بالأمس، أنه يرسل ولده المقام الفخرى عثمان وحريمه إلى الشام، ويتوجه هو إلى حال سبيله، فنهاه الأمير الكبير عن ذلك، وقام السلطان ودخل إلى الدّهيشة، فكلّمه بعض أمرائه أيضا فى أمرهم، فشقّ ثوبه غيظا منه، ونزل الأمير الكبير بمن معه إلى دورهم.
ثم كان نزول تمربغا، والمقصود أن تمربغا لما عاد إلى السلطان، وعرّفه قصد المماليك، وقبل أن يتكلم، سبقه بعض أمرائه، وأظنه الأمير قراجا الخازندار، وقال: «يجبر مولانا [١٤٩] السلطان خاطر مماليكه، بعزل المقدم، وإخراج