للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النحاس من القاهرة» ، فانقاد السلطان إلى كلامه، ورسم بعزل جوهر مقدم المماليك، وتوجّهه إلى المدينة الشريفة، وإخراج النحاس إلى مكة المشرفة؛ وعاد تمربغا إلى المماليك بهذا الخبر، فرضوا، وتوجّه كل واحد إلى حال سبيله؛ وتم ذلك إلى بعد «١» الظهر من اليوم المذكور. فلما كان بعد «٢» الظهر، توجه جماعة من المماليك إلى الأمير أسنبغا الطّيّارى رأس نوبة النوب، وكلموه أن يطلع إلى السلطان، ويطلب منه إنجاز ما وعدهم به من إخراج النحاس وعزل المقدم؛ فركب أسنبغا من وقته، وطلع إلى السلطان وكلمه فى ذلك، فلما سمع السلطان مقالة أسنبغا، اشتد غضبه، وطلب فى الحال جوهرا مقدم المماليك ونائبه مرجان العادلى المحمودى، وخلع عليهما باستقرارهما، ورسم أن يكون النحاس على حاله أولا بالقاهرة، ورسم للأمير تغرى برمش اليشبكى الزّردكاش أن يستعد لقتال المماليك الجلبان، فخرج الزّردكاش من وقته ونصب عدة مدافع على أبراج القلعة، وصمم السلطان على قتال مماليكه المذكورين.

وبلغ الأمراء ذلك، فطلع منهم جماعة كبيرة إلى السلطان، وأقاموا ساعة بالدّهيشة، إلى أن أمرهم السلطان بالنزول إلى دورهم، ونزلوا، واستمر الحال إلى باكر يوم الأربعاء رابع عشره، فجلس السلطان بالحوش على الدّكّة، ثم التفت إلى شخص من خاصّكيته، وقال له: «أين الذين قلت عنهم؟» فقال: «الآن يحضروا» ، فقال السلطان: «انزل إليهم وأحضرهم» ، فنزل الرجل من وقته، وقام السلطان إلى الدهيشة، ونزل المذكور إلى المماليك، وأخذ منهم جماعة كبيرة، وطلع بهم إلى السلطان، فلما مثلوا بين يديه قال لهم: «عفوت عنكم، امضوا إلى أطباقكم» ، فلم يتكلم أحد منهم بكلمة.

واستمر أبو الخير بالقلعة خائفا من النزول إلى داره، وقد أشيع سفره إلى الحجاز، إلى أن كان يوم الخميس خامس عشر جمادى الأولى، نزل أبو الخير إلى داره على حين غفلة قبل العصر بنحو خمس درج، وانحاز بداره، وقفل الباب