هذا والفقهاء والمتعممون «١» قد ألزموهم المماليك الجلبان بعدم ركوب الخيل، بحيث أنه لم يستجر أحد منهم أن يعلو على ظهر فرس، إلا أعيان مباشرى «٢» الدولة، وجميع من عداهم، قد ابتاعوا البغال، وركبوها، حتى تزايد لذلك سعر البغال إلى أمثال ما كان أولا.
ثم أمر السلطان فى اليوم المذكور، بنقل أبى الخير النحاس من بيت القاضى الشافعى يحيى المناوى، من سويقة الصاحب، إلى بيت المالكى ولىّ الدين السنباطى، بالدرب الأصفر «٣» ، ليدّعى عليه عند القاضى المذكور بدعاو، فأخذه والى القاهرة ومضى به من بيت القاضى الشافعى إلى بيت المالكى، وقد أركبه حمارا، وشق به للقاهرة، والناس صفوف وجلوس بالشوارع والدكاكين، وهم ما بين شامت وضاحك ثم باك، فأما الشامت فهو من آذاه وظلمه، والضاحك من كان يعرفه قديما، ثم ترافع عليه، والباكى معتبر بما وقع له من ارتفاعه ثم هبوطه؛ قلت: وقد قيل فى الأمثال: «على قدر الصعود يكون الهبوط» .
وسار به الوالى على تلك الهيئة إلى أن أدخله إلى بيت القاضى المالكى، وادعى عليه السيد الشريف شهاب الدين أحمد بن مصبح «٤»[دلّال العقارات]«٥» بدعوى شنعة «٦» ، أوجبت وضع الجنزير فى رقبة أبى الخير النحاس، بعد أن كتب محضرا بكفره، وأقام الشريف البينة عند القاضى المالكى بذلك، فلم يقبل القاضى بعض البينة، واستمر أبو الخير فى بيت القاضى فى الترسيم على صفّة، نسأل الله السلامة من زوال النعم، إلى عصر يومه، فنقل إلى حبس الدّيلم على حمار، وفى رقبته الجنزير، ومر بتلك الحالة من