جرباش المحمدى الناصرى المعروف بكرد أحد مقدمى الألوف وصحبته زوجته خوند شقراء بنت الملك الناصر فرج [وعيالهما]«١» ، وسافر معه أيضا الأمير تغرى برمش السيفى يشبك «٢» ابن أزدمر الزّردكاش، أحد أمراء الطبلخانات، وعدة كبيرة من أعيان الناس وغيرهم، وسافر الجميع فى يوم الاثنين ثامنه.
ثم فى يوم الأحد رابع عشر شهر رجب، الموافق لسلخ مسرى أحد شهور القبط، أمر السلطان الشيخ عليّا «٣» المحتسب أن يطوف فى شوارع القاهرة، وبين يديه المدراء «٤» ، يعلمون الناس بأن فى غد يكون الاستسقاء بالصحراء لتوقف النيل عن الزيادة؛ وأصبح من الغد فى يوم الاثنين خامس عشره، وهو أول يوم من أيام النّسىء «٥» ، خرج قاضى القضاة شرف الدين يحيى المناوى، إلى الصحراء ماشيا من داره بين الخلائق من الفقهاء والفقراء والصوفية، إلى أن وقف بين تربة الملك الظاهر برقوق، وبين قبة النصر، قريبا من الجبل، ونصب له هناك منبر، وحضر الخليفة وبقية القضاة، وصاروا فى جمع موفور من العالم من سائر الطوائف، وخرجت اليهود والنصارى بكتبهم، وصلى قاضى القضاة المذكور بجماعة من الناس ركعتين خفيفتين، ودعا الله سبحانه وتعالى، بإجراء النيل، وأمّن الناس على دعائه وعظم ضجيج الخلائق من البكاء والنحيب والتضرع إلى الله تعالى ودام ذلك من بعد طلوع الشمس إلى آخر الساعة الثانية من النهار المذكور، ثم انصرفوا على ما هم عليه من الدعاء والابتهال إلى الله تعالى، فكان هذا اليوم من الأيام التى لم نعهد بمثلها.