ثم فى يوم الأربعاء رابع عشر شعبان المذكور، أخرج أبو الخير النحاس المذكور من البرج منفيّا إلى البلاد الشامية، ورسم بحبسه بقلعة الصّبيبة، فنزل على حالة غير مرضية، وهو أنه أركب على حمار، وفى رقبته باشة «١» وجنزير وموكل به جماعة من الجبليّة «٢» ، شقوا به شارع القاهرة إلى أن أخرج من باب النصر، والمشاعلىّ ينادى عليه:«هذا جزاء من يكذب على الملوك، ويأكل مال الأوقاف» ، ونحو ذلك، ورسم السلطان أن يفعل به ذلك فى كل بلد يمر بها، إلى أن يصل إلى محبسه.
ثم فى يوم الخميس خامس عشره، استقر الأمير حاج إينال اليشبكى أحد مقدمى الألوف بدمشق، فى نيابة حماه، عوضا عن سودون الأبوبكريّ المؤيدى بحكم عزله، وتوجهه على إقطاع حاج إينال المذكور بدمشق.
ثم فى يوم الثلاثاء العشرين من شعبان المذكور، جلس السلطان بالحوش، وأحضر القضاة ثم أحضر والى القاهرة أبا عبد الله التريكى المغربى، وكان التريكى قد أقام قبل ذلك ببيت القاضى الشافعى أياما، فلما مثل التريكى بين يدى السلطان، سأل السلطان قاضى القضاة شرف الدين يحيى المناوى الشافعى، عن أمر التريكى وما وجب عليه، فقال:«ثبت عليه عند نائبى نجم الدين بن نبيه، لمولانا السلطان عشرة آلاف دينار» ، وقام ابن النّبيه «٣» فى الحال، وأخبر السلطان بذلك، فنهر السلطان القاضى الشافعى عند مقالته عشرة آلاف دينار، وقال:«ما أسأل إلا عن ما وجب عليه من التّعزير.
إيش العشرة آلاف دينار؟»
ولم تحسن مقالة القاضى الشافعى بهذا القول ببال أحد؛ ثم أجاب ابن النبيه بأن قال:«أما المال فقد ثبت عندى، وأما التعزير فهو إلى القاضى شمس الدين بن خيرة، أحد نواب الحكم» . فقال ابن خيرة:«حكمت عليه بتغريبه «٤» سنتين، وأما التعزير