للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عشرة، وهؤلاء هم أعيان النواب، ومن يطلق فى حق كل منهم ملك الأمراء، ولا عبرة بولاية الوجه القبلى الآن، وباقى نواب القلاع والبلاد الشأمية فكثير- انتهى.

ثم فى يوم الخميس سابع محرم، سنة سبع وخمسين المذكورة، أرجف فى القاهرة بموت السلطان، فلما كان يوم السبت تاسع المحرم، خرج السلطان من قاعة الدّهيشة، ماشيا على قدميه، حتى جلس على مرتبة، من غير أن يستعين بأحد فى مشيه، ولا استند فى مجلسه، بل جلس على مرتبته وعلّم على عدة مناشير، وأطلت أنا النظر فى وجهه، فلم أر عليه علامات تدل على موته بسرعة، ثم قام وعاد إلى القاعة، ولم يخرج بعدها إلى الدّهيشة، واستمر متمرضا بالقاعة المذكورة، والناس تخلط فى الكلام بسبب مرضه، والأقوال تختلف فى أحوال المملكة، على أن السلطان فى جميع مرضه غير منحجب عن الناس، وأرباب الدولة تتردد إليه بالقاعة المذكورة، وهو يعلّم فى كل يوم فى الغالب على المناشير والقصص، وينفذ بعض الأمور، إلا أن مرضه فى تزايد، وهو يتجلد.

إلى أن كان يوم الأربعاء، العشرون «١» من المحرم، فوصل الأمير جانبك النّوروزى من مكة المشرفة، ودخل إلى السلطان وقبّل له الأرض، ثم قبّل يده وخرج وخرجنا جميعا من عنده، وقد اشتد به المرض، وظهر عليه أمارات رديئة «٢» تدل على موته بعد أيام، غير أنه صحيح العقل والفهم والحركة، ثم بعد خروجنا من عنده، تكلم السلطان فى هذا اليوم مع بعض [١٦٥] خواصه فى خلع نفسه من السلطنة، وسلطنة ولده المقام الفخرى عثمان فى حياته، فروجع فى ذلك فلم يقبل، ورسم بإحضار الخليفة والقضاة والأمراء من الغد بالدّهيشة.

فلما كان الغد، وهو يوم الخميس حادى عشرون محرم سنة سبع وخمسين وثمانمائة، حضر الخليفة والقضاة وجميع الأمراء؛ وفى ظن الناس أنه يعهد لولده عثمان بالملك من بعده كما هى عادة الملوك، فلما حضر الخليفة والقضاة عنده بعد صلاة الصبح، خلع نفسه