فنقول: كان ركوب منطاش على رفيقه يلبغا الناصرى، وليس للملك المنصور حاجى ذكر بينهما «١» .
ومنها [١٦٦] أنه سلّم عليه بالسلطنة ثلاثة خلفاء من بنى العباس، ولم يقع ذلك لملك قبله من ملوك مصر. ومنها أنه اجتمع له قضاة أربعة «٢» فى عصر واحد، لم يجتمع [مثلهم]«٣» لغيره «٤» من ملوك مصر، وهم قاضى القضاة شهاب الدين بن حجر الشافعى حافظ المشرق والمغرب، كان فردا فى معناه، لا يقاربه فى علم الحديث أحد فى عصره؛ وقاضى القضاة شيخ الإسلام سعد الدين سعد الديرى الحنفى، كان فقيه «٥» عصره شرقا وغربا، لا يقاربه أحد فى حفظ مذهبه واستحضاره، مع مشاركته فى علوم كثيرة، والعلامة قاضى القضاة شمس الدين البساطى المالكى، كان إمام عصره فى [علمى]«٦» المعقول والمنقول، قد انتهت إليه الرئاسة فى علوم كثيرة، ومات ولم يخلّف بعده مثله، وقاضى القضاة شيخ الإسلام محبّ الدين أحمد الحنبلى البغدادى، كان أيضا إمام عصره وعالم زمانه، انتهت إليه رئاسة مذهبه بلا مدافعة.
ومنها أنه أقام فى ملك مصر هذه المدة الطويلة، لم يتجرد فيها تجريدة واحدة إلى البلاد الشامية، غير مرة واحدة، فى نوبة الجكمى فى أوائل سلطنته، وهذا أيضا لم يقع لملك قبله.
ومنها أنه أذن للغرسى خليل ابن السلطان الملك الناصر فرج بالحج، فقدم القاهرة وحج وعاد مع عظم شوكته من مماليك أبيه وجده الملك الظاهر برقوق «٧» ، وهذا شىء لم يقع مثله فى دولة من الدول.