وتوفى الأمير سيف الدين قطج «١» بن عبد الله من تمراز الظاهرى، بطّالا بالقاهرة، فى يوم الاثنين ثامن عشرين شهر رمضان، وكان أصله من أصاغر مماليك الظاهر برقوق، وتأمّر أيضا- بعد موت الملك المؤيّد شيخ- عشرة، ثم ترقى إلى أن صار فى الدولة الأشرفية أمير مائة ومقدّم ألف، ودام على ذلك سنين، إلى أن أمسكه الأشرف وسجنه بثغر الإسكندرية مدة، ثم أفرج عنه وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بحلب، ثم نقله إلى أتابكيّه حلب، بعد نقل قانى باى البهلوان، إلى أتابكية دمشق، بحكم وفاة تغرى بردى المحمودى بآمد، فدام على ذلك سنين، إلى أن تسلطن الملك الظاهر جقمق، فقدم القاهرة، واستعفى من أتابكية حلب، فأعفى، يريد بذلك أن يكون من جملة أمراء مصر؛ فلم يكترث [١٧٥] المالك الظاهر بأمره، ودام بطّالا إلى أن مات.
وكان يتمفقر فى حياته ويطلب من الأمراء، فلمّا مات، ظهر له مال كبير «٢» ، فأخذه من يستحقه، ولله درّ أبى الطيب المتنبى فيما قال فى هذا المعنى:[الطويل]
ومن ينفق الساعات فى جمع ماله ... مخافة فقر فالذى فعل الفقر
وتوفى الأمير سيف الدين سودون الظاهرى المغربى أحد أمراء العشرات والحجاب، ثم نائب ثغر دمياط، بطّالا بالقدس؛ وكان أيضا من مماليك [الملك]«٣» الظاهر برقوق، وتأمّر عشرة، وصار من جملة الحجاب فى الدولة الأشرفية برسباى، ثم ولى نظر القدس فى بعض الأحيان، ثم ولى نيابة دمياط، إلى أن أمسكه الملك الظاهر وحبسه مدة، ثم أخرجه إلى القدس بطّالا، إلى أن مات.