«يا أمير محمد، أنت رجل غزير العقل «١» والرأى، ونحن ضعفاء العقول. لا تكلمنا على قدر عقلك، وإنما تحدّث معنا بقدر عقولنا» ؛ فقال ابن منجك المذكور:«إذا لا أحدثكم إلا على قدر عقولكم» . فقالوا:«الآن تعمل المصلحة» . وتكلموا فيما هم بصدده؛ قلت: هذا هو الغاية فى الجهل والتفنن فى الجنون؛ فإن كل واحد ممن كان اجتمع فى ذلك المجلس، يمكن أن يدبر مملكة سلطان وينفذ أموره على أحسن وجه- انتهى.
وتوفى قاضى القضاة شيخ الإسلام محبّ الدين أبو الفضل أحمد بن الشيخ الإمام العلامة جلال الدين نصر الله بن أحمد بن محمد بن عمر التّسترى «٢» الأصل، البغدادى الحنبلى قاضى قضاة الديار المصرية، وعالم السادة الحنابلة فى زمانه، فى يوم الأربعاء خامس عشر جمادى الأولى بالقاهرة، وهو قاض؛ وتولى بعده قاضى القضاة بدر الدين محمد ابن عبد المنعم البغدادى، وكان مولد القاضى [١٧٧] محب الدين ببغداد فى شهر رجب سنة خمس وخمسين وسبعمائه، واشتغل بها وتفقه، وقدم القاهرة فى أول القرن واشتغل بها، حتى برع فى الفقه وأصوله والحديث والعربية والتفسير، وتصدى للإفتاء والتدريس سنين، وناب فى الحكم بالقاهرة عن القاضى علاء الدين بن مغلى، وبرع حتى صار المعوّل على فتواه، ثم ولى قضاء الحنابلة بعد موت قاضى القضاة علاء الدين بن مغلى فى يوم الاثنين سابع عشرين صفر سنة ثمان وعشرين وثمانمائة، ودام فى الوظيفة إلى أن