بالديار المصرية، فى يوم الأربعاء تاسع شهر رمضان، وهو فى عشر الثمانين، بعد أن رشّح لوظيفة كتابة سر مصر غير مرة، فلم يقبل؛ ثم ولاه الملك الأشرف كتابة سر حلب على كره منه، عوضا عن زين الدين عمر بن السفاح، فباشر ذلك مدة، ثم عزل بعد أن استعفى، وأعيدت إليه وظيفة نيابة كتابة السر، وولى كتابة سر حلب عوضه ولده القاضى معين «١» الدين عبد اللطيف. وكان شرف الدين «٢» المذكور رجلا عاقلا سيوسا عارفا بصناعة الإنشاء، قام بأعباء ديوان الإنشاء عدة سنين، وخدم عدة ملوك، وكان مقربا من خواطرهم محببا إليهم، رحمه الله تعالى.
وتوفى شمس الدين محمد بن شعبان، فى حادى عشرين شوال، عن نيف وستين سنة، بعد أن ولى حسبة القاهرة بالسعى مرارا كثيرة؛ وكان عاميا يتزيا بزى الفقهاء، حدثنى من لفظه، قال:«ولّيت حسبة القاهرة نيف وعشرين مرة» ، فقلت له:«هذا هجو فى حقك، لا تتكلم به بعد ذلك، لأنك تسعى وتلى ثم تعزل بعد أيام قلائل، وتكرر لك ذلك غير مرة، فهذا مما يدل على عدم اكتراث أهل الدولة بشأنك، وإهمالهم أمرك» ، فلم يعد إلى ذكرها بعد ذلك.
وتوفى الشيخ الإمام العالم نور الدين على بن عمر بن حسن بن حسين بن على بن صالح الجروانى «٣» الأصل، ثم التلوانى «٤» ، الشافعى الفقيه العالم المشهور، فى يوم الاثنين ثالث عشرين ذى القعدة، وكان أصله من بلاد الغرب «٥» ، وسكن والده جروان ولى قرية بالمنوفية من أعمال القاهرة بالوجه البحرى، فولد له بها ابنه نور الدين هذا بعد سنة ستين وسبعمائة، فنشأ بجروان، ثم انتقل إلى تلوانة [من قرى المنوفية]«٦» ، فعرف بالتلوانى، ثم قدم القاهرة وطلب العلم، ولازم شيخ