للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مولده بفوّة من المزاحميين، فى ليلة الثلاثاء ثالث عشر ربيع الأول سنة ست وستين «١» وسبعمائة، وبها نشأ وتعلق على الخدم الديوانية، فباشر فى عدة جهات، ثم انتقل إلى القاهرة، ولا زال يترقى حتى ولى نظر جيش مصر، ثم وزر بها، ثم ولى الخاصّ؛ كل ذلك فى الدولة الناصرية فرج.

ثم ولى [١٨١] الوزارة والخاصّ أيضا فى دولة الملك المؤيّد شيخ، ثم صودر ونكب غير مرة، ثم ولى الأستادّارية فى دولة الملك الصالح محمد، ثم عزل وولى الخاصّ ثانيا عوضا عن مرجان الخازندار، ثم ولى الأستادارية ثانيا فى دولة الأشرف برسباى، عوضا عن ولده صلاح الدين محمد، وعزل عن نظر الخاص بالقاهرة «٢» [بالقاضى] «٣» كريم عبد الكريم ابن كاتب جكم، فى أوائل جمادى الأولى سنة ثمان وعشرين وثمانمائة، وعزل بعد مدة وصودر هو وولده صلاح الدين، ثم ولى الأستادّاريّة بعد سنين ثالث مرة، فلم تطل مدته فيها، وعزل ولزم داره سنين، إلى أن ولى كتابة السر بعد موت ولده صلاح الدين، فباشر وظيفة كتابة السر مدة يسيرة، وعزله الملك الظاهر جقمق بصهره المقرّ الكمالى بن البارزى، فلزم الصاحب بدر الدين بيته، إلى أن مات فى التاريخ المقدم ذكره.

وكان شيخا طوالا ضخما حسن الشكالة، مدوّر اللحية، كريما واسع النفس على الطعام؛ تأصل فى الرئاسة، وطالت أيامه فى السعادة، فصار هو وولده صلاح الدين من أعيان رؤساء الديار المصرية، على أنه كان لا يسلم فى كل قليل من مصادرة، ومع هذا كان له أنعام وأفضال على جماعة كبيرة، إلا أنه كانت فيه بادرة وخلق سيّىء، مع حدة مزاج، وصياح فى كلامه، وكان لا يتحدث إلا بأعلى صوته، ولهذا ملّه الملك الأشرف برسباى وأبعده. وكان أكولا، أقصى مناه الناب والنصاب لا غير، لم يشهر بدين ولا علم.