وتوفى الأمير سيف الدين تغرى بردى [الرومى]«١» بن عبد الله البكلمشى المعروف بالمؤذى «٢» الدوادار الكبير، فى يوم الثلاثاء حادى عشر جمادى الآخرة، بعد مرض طويل؛ وحضر السلطان الصلاة عليه بمصلاة المؤمنى، ودفن بتربة طيبغا الطويل [الناصرى حسن؛ وطيبغا الطويل]«٣» هو أستاذ بكلمش، وبكلمش أستاذ تغرى بردى هذا، ثم ترقى [تغرى بردى هذا]«٤» بعد موت أستاذه حتى صار من جملة أمراء العشرات فى الدولة الناصرية فرج، ثم أمسك ولزم داره مدة، إلى أن أنعم عليه بإمرة عشرة ضعيفة، ودام على ذلك دهرا طويلا لا يلتفت إليه فى الدول، حتى أننى أقمت سنين أحسبه من جملة الأجناد.
ثم تحرّك له سعد بعد سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، وغيّر السلطان الملك الأشرف أقطاعه بعد موت الأمير جوبان المعلم «٥» ، وخلع عليه باستقراره من جملة رءوس النّوب، ثم لا زال يرقيه حتى صار أمير طبلخاناة ورأس نوبة ثانيا؛ فعند ذلك أظهر ما كان خفيا من لقبه بالمؤذى، فلله درّ القائل:«الظلم كمين فى النفس، العجز يخفيه والقوة تظهره» .
وصار إذا مسك العصاة فى يده، لا يزال يضرب هذا وينهر هذا؛ والملوك تحب من يفعل ذلك بين يديهم، فأنعم عليه بعد سنين بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية، ثم نقله الملك الظاهر جقمق إلى حجوبية الحجاب بعد يشبك السّودونى، ثم صار دوادارا كبيرا بعد [عزل]«٦» أركماس الظاهرى، كل ذلك فى سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة.
[و]«٧» من يوم ولى الدوادارية، عظم وضخم، ونالته السعادة وعمّر مدرسة بالشارع الأعظم بالقرب من جامع ابن طولون [فى طرف سوق الأساكفة]«٨» ، وسار فى