الدوادارية على طريق السلف من الحرمة وإقامة «١» الناموس، لا فى كثرة المماليك وجودة السماط، وكان يتفقّه ويكتب الخط بحسب الحال، ويعف عن المنكرات والفروج، وعنده شجاعة وإقدام مع بخل وفحش فى لفظه، وجبروت وسوء خلق وحدة مزاج، إلا أنه كان مشكور السيرة فى أحكامه، وينصف المظلوم من الظالم، ولا يسمع رسالة مرسل كائن من كان، فعدّ «٢» ذلك من محاسنه.
وكان رومى الجنس، ويدعى أنه تركى الجنس، رحمه الله تعالى.
وتوفى الأمير سيف الدين أيتمش بن عبد الله الخضرى الظاهرى برقوق، أحد أمراء العشرات، وأستادّار، وهو بطّال، فى آخر ليلة السبت العشرين من شهر رجب، ودفن بتربة الأمير قطلو بك بالصحراء، بعد ما تعطل ولزم داره سنين، من بياض أصابه فى جسده. وكان أصله من مماليك الظاهر [١٨٢] برقوق. ثم صار من جملة الدوادارية فى الدولة الناصرية فرج، ثم [صار]«٣» أمير عشرة فى دولة الملك المؤيد شيخ، ثم أنعم عليه الملك الظاهر ططر بإمرة طبلخاناة، فلم تطل مدته، ونفاه الملك الأشرف برسباى، ثم شفع فيه بعد أشهر، وأعيد من القدس إلى القاهرة، وأنعم عليه بإمرة عشرة، ثم ولى الأستادّارية، فلم ينتج أمره، وعزل عنها بعد أن باشر الأستادّارية نحو الشهرين.
واستمر أمير عشرة على عادته إلى سنة نيف وثلاثين. فابتلى فى جسده بالبياض [بحيث كان يستره بالحمرة]«٤» ، فأخرج [السلطان]«٥» الملك الأشرف إقطاعه، ورسم له بلزوم داره، فصار يتردد إلى الجامع الأزهر، وكان يسكن بدار بشير