الجمدار [بالأبّارين]«١» بالقرب من الجامع المذكور، ويحضر «٢» الدروس، ويشوّش على الطلبة، ويسأل الأسئلة التى لا محل لها من الدرس التى (كذا) هم بصدده، وكان قليل الفهم وتصوّره غير صحيح، مع جهل مفرط وعدم اشتغال قديما وحديثا، فإن أجابه أحد من الطلبة بجواب لا يفهمه، سفه عليه، وإن سكت القوم ازدراهم ووبخهم.
وكان فصيحا باللغة العربية على قاعدة العامة، وكان قبل تاريخه ناب فى نظر الجامع الأزهر عن جرباش الكريمى قاشق، ووقع له مع أهل الجامع أمور أيام توليته، فلما زاد ذلك منه على الطّلبة [و]«٣» بلغ الأشرف [أمره]«٤» ، رسم بنقلته من داره المذكورة [و]«٥» بسكنته بقرافة مصر، فشفع فيه بعد أيام، على أنه يسكن بداره، ولا يدخل الجامع إلا فى أوقات الصلوات. ولما سافر الملك الأشرف إلى آمد، أخرجه إلى القدس بطّالا، ثم أعيد إلى القاهرة بعد عود «٦» السلطان [من آمد، ودام بها]«٧» إلى أن تسلطن الملك الظاهر جقمق، [ف]«٨» داخله فى الأمور من غير أن بلى إمرة ولا وظيفة.
وزاد وأمعن، وصار يتكلم فيما لا يعنيه، فغضب عليه الملك الظاهر جقمق، ونفاه إلى القدس [بطّالا]«٩» ، ثم شفع فيه عديله الأمير إينال العلائى الناصرى، أعنى الملك الأشرف، فأعيد إلى القاهرة، ولزم داره إلى [أن سقط عليه جدار فغطاه، فأخرج من تحته مغشيا عليه، فعاش بعده قليلا]«١٠»[و] مات وهو فى عشر السبعين.
وكان من مساوئ الدهر طيشا وخفة، مع كثرة كلام فى مالا يعنيه، ويخاطب الرجل بما يكره، ويوبخ الشخص بما فيه من المعايب من غير أن يكون بينه وبين ذلك الرجل