وسافر أمير الرّكب الأول إلى الحجاز، فى الدولة المؤيّدية، واستمر على ذلك، إلى أن أنعم عليه الملك الأشرف برسباى بإمرة عشرة، وحج أيضا أمير الركب الأول ثانيا، ثم [توجه]«١» إلى شدّ بندر جدّة وصحبته الصاحب كريم الدين بن كاتب المناخ، بعد عزله عن الوزر والأستادّاريّة، ثم ترقى بعد ذلك إلى أن صار أمير طبلخاناة ورأس نوبة ثانيا فى دولة الملك الظاهر جقمق، ثم نقل إلى نيابة غزة بعد موت الأمير طوخ الأبوبكريّ المؤيّدى، فلم تطل مدته فى نيابة غزة، ومرض وطال مرضه، واستعفى وتوجه إلى القدس عليلا، فمات بعد أيام قليلة [ودفن بجامع ابن عثمان ظاهر غزة] . «٢» وكان أميرا جليلا رئيسا وجيها معظما فى الدول، عريقا فى الرئاسة، متجملا فى مركبه وملبسه ومماليكه، وكان تركى الجنس مليح الشكل إلى الغاية، وعنده سلامة باطن، مع خفة روح وبشاشة وتواضع، مع شجاعة وإقدام وحرمة وافرة، وكلمة نافذة؛ ولم يكن فيه ما يعاب، غير انهما كه فى اللذات، وبعض سطوة على غلمانه، عفا الله عنه «٣» .
وتوفى الأمير الطّواشى صفىّ الدين جوهر بن عبد الله التّمرازى الخازندار، ثم شيخ الخدام بالحرم الشريف «٤» النبوى، فى أواخر هذه السنة، وكان أصله من خدام الأمير تمراز الظاهرى النائب، وصار جمدارا فى أواخر دولة الملك المؤيّد شيخ، ودام على ذلك سنين، إلى أن استقر به الملك الظاهر خازندارا، بعد موت جوهر القنقبائى، فلم تطل مدته فى الخازندارية، وعزله السلطان بالطّواشى فيروز النّوروزى الرومى رأس نوبة الجمدارية؛ وصادره، ثم ولّاه مشيخة الخدّام بالحرم النبوى، إلى أن مات