للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصار له كلمة فى الدولة، وترأس واقتنى المماليك والخيول، وبقى له حاشية واسم فى المملكة، فعند ذلك انتهز أحمد المذكور الفرصة، وانهمك فى اللذات، فما عفّ ولا كفّ، وبينما هو فى ذلك، طرقه هادم اللذات، ومات بعد مرض طويل، وقد استقر أمير الركب الأول من الحاج، فاستقر الأمير قانم التاجر المؤيّدى عوضه، فى إمرة الركب.

وكان أحمد المذكور مهملا، عاريا من كل علم وفن، أجنبيا عن كل فضيلة، وكان يتلفظ فى كلامه بألفاظ العامة السوقة، مثل: «أقاتل على حسبى» و «أخذت رحلى» ، وأشياء مثل ذلك «١» من هذا النسق. وكان مع ذلك يلثغ بالسين، ويرمى بعظائم، من: ترك الصلاة، وأخذ الأموال، وغير ذلك.

وتوفى الأمير سيف الدين تغرى برمش بن عبد الله الجلالى الناصرى، ثم المؤيّدى الفقيه، نائب قلعة الجبل، بطالا بالقدس الشريف، فى يوم الجمعة ثالث شهر رمضان؛ وقد أناف على الخمسين سنة، هكذا ذكر لى من لفظه، وقال لى: إن أباه كان مسلما فى بلاده، واشتراه بعض التجار ممن سرقه، وابتاعه منه خواجا جلال الدين، وقدم به إلى حلب، فاشتراه الملك الظاهر جقمق منه، وقد توجه جقمق: وهو يوم ذاك خاصكيّا، إلى الأمير جكم نائب حلب بكامليّة الشتاء من السلطان على العادة فى كل سنة، وقدم به جقمق إلى القاهرة، [١٩٤] وقدّمه إلى أخيه جاركس القاسمى المصارع، فلما عصى جاركس، أخذه الملك الناصر فرج فيما أخذ الجاركس.

ودام تغرى برمش بالطبقة بقلعة الجبل، حتى ملك الملك المؤيّد شيخ الديار المصرية فأخذه من جملة مماليك الملك الناصر فرج، وأعتقه، فادّعاه الظاهر جقمق، وهو يوم ذاك أمير طبلخاناة وخازندار، فدفع له الملك المؤيّد دراهم ومملوكا يسمى قمارى، وأبقى تغرى برمش على ملكه، ثم صار تغرى برمش بعد موت الملك المؤيد خاصكيّا، إلى أن أخرجه الملك الأشرف من الخاصكية مدة سنين، ثم أعاده بعد مدة، ودام على ذلك إلى أن تسلطن الملك الظاهر جقمق، فنفاه إلى قوص، لكونه خاشنه فى الكلام