وتوفى القاضى ولى الدين أبو اليمن محمد بن قاسم بن [عبد الله بن]«١» عبد الرحمن [بن محمد بن عبد القادر]«٢» الشيشينى الأصل، المحلّى، الشافعى، المعروف بابن قاسم، فى يوم الجمعة سابع عشر صفر. وكان فيه خفة روح ودعابة، ونادم الملك الأشرف برسباى، ونالته السعادة، وكان أولا يلى الحكم بالمحلة وغيرها، فلما تسلطن الملك الأشرف، قرّبه ونادمه لصحبة كانت بينهما قديمة، ثم استقر شيخ الخدام بالحرم النبوى، إلى أن طلبه الملك الظاهر جقمق، وصادره، ثم نادمه بعد ذلك، إلى أن مات. وكان دينا خيرا، إلا أنه كان مسّيكا جمّاعا للأموال، وكان سمينا جدا، لا يحمله إلا الجياد من الخيل.
وتوفى الأمير سيف الدين قراخجا بن عبد الله الحسنى الظاهرى، الأمير آخور الكبير، بالطاعون، فى يوم السبت ثامن عشر صفر، وتوفى ولده أيضا فى اليوم المذكور، فجهزا معا من الغد، وحضر السلطان الصلاة عليهما بمصلاة المؤمنى، ودفنا بالصحراء، وكان أصل قراخجا المذكور، من مماليك الملك الظاهر برقوق، وتأمّر بعد أمور وقعت له بعد موت الملك المؤيّد شيخ، وصار من جملة رؤوس النّوب، ثم نقله الملك الأشرف بعد سنين، إلى إمرة طبلخاناة، ثم صار رأس نوبة ثانيا، ثم مقدم ألف بالديار المصرية، إلى أن نقله الملك الظاهر جقمق، وجعله رأس نوبة النّوب، بعد الأمير تمراز القرمشى، بحكم انتقاله إلى الأمير آخوريّة، ثم نقل [١٩٨] قرا خجا بعد أشهر إلى الأمير آخورية بعد تمراز أيضا، فدام على ذلك حتى مات.
وكان أميرا جليلا شجاعا مقداما معظما فى الدول، عارفا بأنواع الفروسية، رأسا فى ذلك، مع العقل والديانة والصيانة والحشمة والوقار وكثرة الأدب؛ وهو أحد من أدركنا من الملوك العقلاء الرؤساء، رحمه الله تعالى؛ وهو صاحب المدرسة بالقرب من قنطرة طقزدمر خارج القاهرة.