فعرف لهذا المعنى «١» بين الناس. وكان له شعر، ويكتب المنسوب بحسب الحال، وكان أولا يتزيّا بزىّ الجند، وخدم دوادارا عند الشهاب، أستادّار المحلّة، ثم عند القاضى ناصر الدين بن للبارزى، فلم ينتج أمره، وعزل، ثم بعد مدة، ترك الجنديّة، وتزيّا بزىّ الفقهاء، وخدم موقّعا عند الزينى عبد الباسط ناظر الجيش، فملأه سبّا وتوبيخا منذ مباشرته عنده، إلى أن ملّ ذلك، وترك التوقيع، وانقطع إلى المقر الكمالى بن البارزى، وصار يتردد إلى الأكابر، ثم تردد فى الدولة الظاهرية، لخدمة أبى الخير النحاس، ومات وهو ملازم لصحبته.
وقد استوعبنا حاله بأوسع من هذا فى «المنهل الصافى»«٢» ، وذكرنا من شعره نبذة كبيرة، ونذكر منه هنا نبذة يسيرة، ليعلم بذلك طبقته فى نظم القريض، فإنه كان لا يحسن غيره، فمن شعره قوله:[الخفيف]
أهل بدر إن أحسنوا أو أساءوا ... أهل بدر فليفعلوا ما شاءوا «٣»
إن أفاضوا «٤» دمعى فكم قد أفادوا ... منّة من ودادهم وأفاءوا
وعيونى إن فجّروها عيونا ... بدموع «٥» كأنّهنّ دماء
لا تلمهم على احمرار دموعى ... فلهم عندى اليد البيضاء
أنا راض منهم وإن هم رضونى ... فسواء عندى القلى والقلاء
يا نزولا بمهجتى «٦» فى رياض ... من وداد أغصانها لفّاء
كلّ غصن عليه طائر قلبى ... صادح تقتدى به الورقاء
صدحه كلّه حنين ووجد ... واشتياق ولوعة وبكاء
منع السّهد طيفكم ولحظّى ... صار حتى من عندى الرّجاء