للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالديار المصرية، ثم ولاه رأس نوبة النّوب بعد القبض على الأمير تغرى بردى المحمودى، ثم نقله إلى الدوادارية الكبرى بعد [مسك] «١» الأمير أزبك المحمدى ونفيه إلى القدس بطّالا، فدام فى الدوادارية إلى أن عزله الملك الظاهر جقمق، ثم أخرجه بعد مدة إلى دمياط، ثم استقدمه بعد سنين [إلى] «٢» مصر فأقام بها بطّالا إلى أن مات.

وكان ساكتا عاقلا قليل الكلام فيما يعنيه وفيما لا يعنيه، متوسط السيرة فى غالب أحواله، كان لا يميل لخير ولا لشر، ولا يتكرم على أحد، ولا يطمع فى مال أحد، ولا ينهر أحدا، ولا يكرم أحدا، وقس على هذا فى غالب أموره، وكان عاريا مهملا منقادا فى أحكامه إلى دواداره ورأس نوبته، وموقّعه، فمهما قالوه طاوعهم، فإن قصدوا الجنة سار معهم، وإن دخلوا النار دخل معهم، ومهما أشاروا عليه به لا يخالفهم، وكان إذا كلمه من لا يعرفه يظنه أنه قدم فى أمسه من بلاد الجاركس، لغتمة كانت فى لسانه باللغة التركية، فلعمرى كيف يكون كلامه باللغة العربية! «٣» غير أنه كان متدينا وبعف عن المنكرات والفروج، رحمه الله [تعالى] «٤» .

وتوفى قاضى القضاة ولى الدين محمد بن أحمد بن يوسف [بن حجاج ولى الدين أبو عبد الله] «٥» السّفطى الشافعى، قاضى قضاة الديار المصرية، وصاحب العظمة فى أوله والأهوال فى آخره، فى يوم الثلاثاء مستهل ذى الحجة ودفن من الغد بعد أن مرض يوما واحدا؛ وقد تقدم من ذكره وما وقع له نبذة كبيرة فى ترجمة الملك الظاهر جقمق، تعرّف جميع أحواله بالقرائن، ونذكر الآن من أحواله شيئا يسيرا من أوائل أمره إلى آخره على سبيل الاختصار: