للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما تصل قدرتهم إليه، واستعفى فى تلك المدة غير مرة، إلى أن تسلطن الملك الظاهر جقمق، وقبض عليه بعد أشهر وسجنه وصادره، وأبرز ما كان عنده من الكوامن منه فى الأيام الأشرفية، حسبما ذكرناه فى ترجمة الملك الظاهر جقمق، فكان ما «١» لقيه أولا كالمجاز بجنب هذه الحقيقة، [٢٠٣] ولسان حاله ينشد: [الكامل]

ما إن وصلت إلى زمان آخر ... إلا بكيت على الزمان الأوّل

ثم أطلق عبد الباسط بعد أن حمّل جملة كبيرة من الذهب نحو الثلاثمائة ألف دينار، حررناها فى أصل الترجمة، وتوجه إلى الحجاز ثم إلى دمشق، ثم قدم إلى القاهرة مرة أولى وثانية، استوطن فيها القاهرة، إلى أن حج ثانيا، ومات فى التاريخ المقدم ذكره.

وكان عبد الباسط مليح الشكل متجملا فى ملبسه ومركبه وحواشيه إلى الغاية، وله مآثر وعمائر فى أقطار كثيرة معروفة به، لا تلتبس بغيره «٢» ، لأننا لا نعلم من سمى بهذا الاسم قبله، ونالته السعادة، [غيره] . وكان له كرم على أناس، وبخل على غيرهم «٣» ، وبالجملة أنه كان عدّ بآخرة من الرؤساء الأعيان على شراسة خلق كانت فيه، وحدة، مع طيش وخفة وجبروت وظلم على مماليكه وأتباعه، مع بذاءة لسان، وسفه زائد، وشمم وجهل مفرط بكل علم وفن إلى الغاية، رحمه الله تعالى.

وتوفى الأمير سيف الدين أركماس بن عبد الله الظاهرى الدوادار الكبير بطّالا، بالقاهرة، فى يوم الجمعة ثامن عشرين شوال، وسنه زيادة على سبعين سنة، وأصله من أصاغر مماليك الظاهر برقوق، وترقى فى دولة [الملك] «٤» الظاهر ططر، وصار نائب قلعة دمشق، إلى أن أنعم عليه الملك الأشرف برسباى [بإمرة مائة] «٥» وتقدمة ألف