وتوفّى الشيخ شمس الدين محمد الحنفى الرومى «١» الأصل والمولد، المصرى الدّار والوفاة، المعروف بالكاتب، فى يوم الأحد ثالث عشرين شهر ربيع الأوّل، بعد أن نال حظّا من ملوك مصر، لا سيما من الملك الظاهر جقمق؛ فإنه عظم فى دولته إلى الغاية ونالته السعادة، وعدّ من الرؤساء، ولم يكن لذلك أهلا، غير أن ملوك زماننا كالعميان، يضع الواحد يده على كتف الواحد، فمهما تحرّك الأوّل بحركة تحرّك الثانى بمثله.
فأول من قرّب شمس الدين هذا الظاهر ططر، فاقتدى جميع من جاء بعده من السلاطين به من تقريب شمس الدين هذا، ولا يعرف أحدهم لم قرّبه واختصّ به غير الظاهر ططر، فإنه كان له مقاصد لا يعرفها هؤلاء، ثم انحطّ قدره، ونكب وصودر، وادّعى عليه عند القضاة بدعاوى اقتضت تعزيره وحبسه بسجن الرّحبة، وقاسى أهوالا، كلّ ذلك بأمر السلطان الملك الظاهر جقمق لمّا تغيّر عليه، نكالا من الله، فإنه كان واسطة سوء مع دهاء ومكر، وعقل تام، فإنه اتصل لما اتصل، ولم يقتن دابة يركبها، بل كان كلما أراد أن يطلع القلعة ركب من الشيخونية «٢» حمارا مكاريا بالكرى، وطلع إلى القلعة، واجتمع بالسلطان ثم نزل وعاد على الحمار المذكور إلى داره بالشيخونية، فى كل يوم على ذلك.
وكان قليل العلم، إلا أنه كان له مشاركة ومحاضرة ومعرفة بمداخلة الملوك، محظوظا عندهم.
كان مرتّبه فى اليوم على الجوالى «٣» فقط دينارين، وله أشياء غير ذلك، وكان شكلا مهولا، طوالا، ذا لحية كبيرة، وعلى رأسه عمامة هائلة، وقبّع