وأول ولايته لكتابة السرّ في يوم السبت خامس عشرين شوال سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة في الدولة المؤيّديّة شيخ؛ تلقّاها عن والده القاضى ناصر الدين بعد موته، واستمرّ فى الوظيفة إلى أن صرف عنها بصهره علم الدين داود بن الكويز ناظر الجيوش بالديار المصرية، واستقرّ القاضى كمال الدين هذا في الوظيفة ونظر الجيش عوضا عن علم الدين المذكور- أعنى أن كلّا منهما أخذ وظيفة الآخر- وذلك في محرم سنة أربع وعشرين، فباشر وظيفة نظر الجيش إلى أن صرف عنها بعبد الباسط بن خليل الدمشقى في يوم الاثنين سابع ذى القعدة من سنة أربع وعشرين المذكورة، فلزم القاضى كمال الدين هذا داره على هيئة عمله من الحشم والخدم والإحسان لمن يرد عليه من كلّ طائفة، وأكبّ على الاشتغال وطلب العلوم مدّة سنين إلى أن طلبه الملك الأشرف برسباى في يوم سابع شهر رجب سنة إحدى وثلاثين، وخلع عليه باستقراره في كتابة سرّ دمشق بعد موت بدر الدين حسين، فتوجه إلى دمشق وباشر كتابة سرّها مدّة إلى أن قدم القاهرة صحبة الأمير سودون من عبد الرحمن نائب دمشق، وعزل سودون وتولّى جار قطلو نيابة دمشق، فخلع السلطان عليه بقضاء دمشق مضافا لكتابة سرّها، وكان ذلك في يوم الأربعاء مستهل شعبان سنة خمس وثلاثين، فباشر الوظيفتين معا، وحسنت سيرته وأحبّه أهل دمشق.
ومن غريب ما اتفق في ولايته لقضاء دمشق أن العلّامة علاء الدين البخارى «١» كان إذا ولى أحد من طلبته القضاء أو الحسبة يغضب عنه ويمنعه من دروسه، فلمّا بلغه ولاية القاضى كمال الدين هذا فرح، وقال:«الآن أمن الناس على أموالهم ونفوسهم» ، وناهيك بقول الشيخ علاء الدين هذا في حقّه.
واستمر على وظيفتيه بدمشق إلى أن طلب إلى الديار المصرية، وولى كتابة سرّها بعد عزل الصاحب كريم الدين عبد الكريم بن كاتب المناخ في يوم السبت العشرين