للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه استقرّ السيفى يشبك القرمى الظاهرى والى القاهرة بحكم عزل جانبك اليشبكى، بحكم انتقاله إلى الزرد كاشية، حسبما تقدّم ذكره.

هذا وقد أخذت المؤيّدية في استمالة الأشرفيّة من يوم قبض الملك المنصور على خچداشيتهم «١» دولات باى ورفقته (٢) ، ولا زالوا بهم حتى وافقوهم لحزازة كانت في نفوس الأشرفيّة أيضا من الملك الظاهر جقمق قديما، وقد تجدّد مع ذلك أيضا قول بعض أمراء الظاهرية للأشرفيّة في أخذ ابن أستاذهم الشّهابى أحمد ابن الملك الأشرف برسباى من عند عمّه زوج أمّه الأمير قرقماس الأشرفى، وإرساله إلى ثغر الإسكندرية ليقيم بها عند أخيه الملك العزيز يوسف، فعظم ذلك على أم الشّهابى أحمد، وعلى زوجها الأمير قرقماس، فكان ذلك من أكبر الأسباب لموافقة الأشرفيّة للمؤيّدية، ثم ساعدهم أيضا من له غرض في تغيير الدّول، لا رغبة في أحد بعينه بل حتى يناله ما قد أمّل، وقد صار ذلك عادة عند موت كلّ سلطان من عهد الملك المؤيد شيخ إلى يومنا هذا، بل إلى يوم القيامة؛ لعدم أهلية الملوك، ولغفلتهم عن هذا المعنى في أيام عزّهم، وأعجب من هذا أنّ أحدهم لا يزال في غفلة عن ذلك حتى يشرف على الموت، فيعهد «٢» لولده بالسلطنة مع معرفته وتحقّقه بما يفعلونه مع ولده من بعده، كما فعل بأمثاله، وقد قيل في المثل: «إذا أردت أن تنظر الدنيا بعدك انظرها بعد غيرك» ؛ فلما انتظم الصلح بين الطائفتين سرّا تحالفوا واتفقوا على الركوب في يوم بعينه.

كلّ ذلك والمنصور ومماليك أبيه وحواشيه في غفلة عن ذلك، وأكبر همّهم في تفرقه الإقطاعات والوظائف، وفي ظنّهم أن دولتهم تدوم، وأن الملك قد صار بيدهم، هذا مع عدم التفاتهم لتقريب العقلاء، ومشاورة ذوى التدبير وأرباب التجارب ممن مارس تغيير الدّول والحروب والوقائع، وصار أحدهم إذا لوّح له بعض أصحابه بشىء مما