الإمام الإخميمى، ومعهم منديل الأمان للأمير الكبير ومن معه من الأمراء ليطلعوا إلى طاعة السلطان، وترددوا بين الملك المنصور والأتابك إينال غير مرّة في عمل الصلح، وكثر الكلام بينهم إلى أن انفضّ المجلس على غير طائل، ولم ينبرم صلح، ومنع الأمير الكبير سونجبغا ونوكار من الطلوع إلى القلعة، وعاد الإخميمى بالجواب إلى السلطان، وفي الحال عاد القتال على ما كان عليه، فإنه كان بطل الرّمى من القلعة ومن المدرسة لعمل الصلح، فلما انفضّ الأمر على غير صلح عاد كلّ أحد من الطائفتين إلى ما كان بصدده.
وأعلن الخليفة في هذا اليوم أيضا بين الملأ بخلع الملك المنصور من السلطنة، وسلطنة الأتابك إينال، والأتابك إينال يمتنع من ذلك في ذلك الوقت حتى ينظر ما يكون من أمر الملك المنصور ومحاصرته «١» .
ثم تكلّم الخليفة في اليوم أيضا بين الناس بأعلى كلامه:«قد خلعت الملك المنصور من الملك» ، هذا وقد ضعف أمر الملك المنصور واستفحل أمر الأتابك إينال، غير أن الرّمى من القلعة بالمدافع وغيرها مستمرّ، وهلك من ذلك جماعة كبيرة من عساكر الأمير الكبير ومن الأجناد والعامة والمتفرجين.
وأصبح يوم الجمعة خامسه حضر المقرّ الجمالى ناظر الجيش والخاص وعظيم الدّولة عند الأمير الكبير، فقام له الأمير الكبير واعتنقه وأجلسه بإزائه فوق الأمير خشقدم حاجب الحجاب، فعند قدومه تحقّق كل أحد بزوال دولة المنصور وإقبال دولة الأتابك إينال، وتكلّم المقرّ الصحابى مع الأتابك كلاما كثيرا لا يشاركهما في ذلك أحد إلا في النادر، ثم رسم الأمير الكبير بطلب القاضى محب الدين بن الأشقر كاتب السّرّ والقضاة الأربعة، فحضروا في الحال وقد نزل الخليفة من القصر أيضا، وجلس عند الأمير