للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا وقد انحاز السلطانيّة إلى باب السلسلة، فكان في هذا اليوم حرب بين الطائفتين لم يقع مثله في الستة أيام الماضية.

فلما دخل القوم إلى الميدان ولّت المنصورية الأدبار، وقام السلطان الملك المنصور عثمان من مجلسه بمقعد الإسطبل السلطانى، وطلع إلى القصر الأبلق من قلعة الجبل، ومعه جماعة كبيرة من مماليك أبيه وغيرهم من الأمراء والخاصكيّة، ودخل قانى باى الچاركسى إلى مبيت الحرّاقة من الإسطبل، ودام الأمير تنم بالمقعد مستعزّا بخچداشيّته المؤيديّة وغيرهم، وتمزّقت عساكر المنصور في الوقت كأنها لم تكن، من غير أمر أوجب ذلك، وتركوا باب السلسلة وفرّوا منه قبل أن يطلع إليه واحد من أصحاب الأتابك إينال، ثم فعلوا ذلك أيضا بقلعة الجبل وتركوها وأبوابها مفتّحة، ولم يقاتلوا بها ساعة واحدة، وتمزّقوا كلّ ممزّق.

وكان هذا بعكس ما كان منهم في السبعة أيام الماضية من شدّة القتال وعظم الثّبات وقوّة البأس، إلى أن كان من أمرهم ما كان في هذا اليوم، وتركوا باب السلسلة والقلعة وانصرفوا في الحال على أقبح وجه، وكان يمكنهم أن يقاتلوا القوم بالميدان أيّاما؛ فإن الميدان لا فرق بينه وبين الرّميلة «١» ، وليس بينه وبين باب السلسلة تعلق، وأيضا ولو ملكت أصحاب الأمير الكبير باب السلسلة والإسطبل السلطانى كان يمكنهم القتال من القلعة أياما، إذ ليس للقلعة تعلّق بالإسطبل، وقد ملك المؤيّد شيخ أيام إمرته الإسطبل من الأمير أرغون الأمير آخور نائب غيبة الملك الناصر فرج، ودام به أياما، ولم يقدر على أخذ القلعة ولا توصل إليها بوجه من الوجوه، وكان مع الملك المؤيد أقوام هم هم، وأيضا لم يكن بالقلعة يوم ذاك بعض من كان بها الآن، ووقع ذلك لخلائق من الملوك أنهم ملكوا باب السلسلة ولم يقدروا على أخذ القلعة.

والمقصود من هذا الكلام أن ليس للقلعة علاقة بباب السلسلة إلا في الأمن والرّخاء