للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبات الأمير الكبير إينال بمبيت الحرّاقة من الإسطبل السلطانى حتى أصبح وتسلطن منه على ما يأتى ذكره مفصلا في ترجمته عقيب هذه الترجمة.

وزالت دولة الملك المنصور عثمان كأنها لم تكن، فسبحان من لا يزول ملكه.

فكانت مدة سلطنة الملك المنصور من يوم تسلطن بعد خلع أبيه حسبما تقدّم ذكره إلى يوم خلعه الخليفة يوم الجمعة خامس شهر ربيع الأول شهرا واحدا وثلاثة عشر يوما، وإلى يوم تسلطن الملك الأشرف إينال في صبيحة يوم الاثنين ثامن شهر ربيع الأول المذكور شهرا وستة عشر يوما، ولا نعلم أحدا من ملوك مصر من الأتراك كانت مدّته فى الملك أقصر من مدة الملك المنصور هذا، مع عظم شوكته، وثبات قدمه في الملك، فما شاء الله كان، وما هذا إلا نوع من القصاص، وقد ورد في الإسرائيليات: يقول الله سبحانه وتعالى: «يا داود أنا الربّ الودود، أعامل الأبناء بما فعلت الجدود» وقد رأينا هذه المكافأة في واحد بعد واحد من يوم خلع الملك المنصور حاچى بالملك الظاهر برقوق من السلطنة إلى يومنا هذا، والجميع يشربون هذا الكأس من يد أتابكتهم، ويرد عليهم هذا الشراب بتدبير مماليك أبيهم، وقد تقدم ذكر هذا المعنى في مواطن كثيرة، والإضراب عن ذكر هذا أجمل.

ولما طلع الملك المنصور من الإسطبل إلى القصر ودّعه مماليك أبيه وفارقوه، فلا قوة إلا بالله، وتوجه هو إلى الحريم السلطانى عند والدته، وأقام عندها إلى أن طلبه منها الملك الأشرف إينال، فخرجت معه إلى قاعة البحرة بالحوش السلطانى من قلعة الجبل، فأقام الملك المنصور بالبحرة من يوم خلع هو ومن يخدمه مع والدته وأولاده والجميع في التّرسيم إلى يوم الأحد ثامن عشرين شهر ربيع الأول، فأخذ منها بجميع خدمه ووالدته وأولاده، وأنزلوا الجميع في حرّافة إلى ثغر الإسكندرية، وكانت هيئة نزول الملك المنصور من القلعة أنه أركب على فرس بوزبقيد، من غير أن يركب أحد من الأوجاقيّة خلفه كما هى عادة الملوك من الأمراء، ومضوا به من باب القرافة في وقت القائلة، وقد خرجوا الناس للفرجة عليه بخارج القاهرة، وساروا به وحوله الخاصكية بالسيوف والرّماح، وجماعة