ولما تمّ لبسه خلعة السلطنة من المبيت المذكور خرج منه، ومشى حتى ركب فرس النوبة، بأبهة السلطنة وشعار الملك. وحمل ولده المقام الشهابىّ أحمد القبّة والطير على رأسه حتى طلع إلى القصر السلطانى، والأمراء والعساكر مشاة بين يديه، ما خلا الخليفة.
وسار على تلك الهيئة إلى أن وصل إلى باب القصر، فنزل عن فرسه، ودخل القصر الكبير، وجلس بإيوانه على تخت الملك، وقبّلت الأمراء الأرض بين يديه، وخلع على الخليفة القائم بأمر الله فوقا نياكمخا حريرا بوجهين أخضر وأبيض، بطرز يلبغاوى زركش، وقدّم له فرسا بسرج ذهب، وكنبوش زركش، وتمّ جلوسه بالقصر السلطانى إلى يوم الجمعة «١» على ما سنذكره بعد ذكر نسبه فنقول:
أصله چاركسىّ الجنس، أخذ من بلاده، فاشتراه خواجا علاء الدين، وقدم به إلى القاهرة، هو وأخيه طوخ، وطوخ كان الأكبر، وكان اسم إينال غير إينال، فاستقرّ إينال، فاشتراهما الملك الظاهر برقوق- أعنى إينال وطوخ- من الخواجا علاء الدين المذكور في حدود سنة تسع وتسعين [وسبعمائة]«٢» تخمينا، فأعتق الظاهر أخاه طوخ المذكور، ودام إينال هذا كتابيّا بطبقة الزّمام، إلى أن ملكه الملك الناصر فرج بن برقوق وأعتقه، وأخرج له خيلا على العادة، واستمرّ من جملة المماليك السلطانيّة، إلى أن صار في آخر الدّولة الناصريّة خاصكيّا، فدام على ذلك إلى أن أنعم عليه الأمير الكبير ططر في الدّولة المظفرية [أحمد]«٣» بإمرة عشرة في أوائل سنة أربع وعشرين، ثم نقل إلى إمرة طبلخاناة في أوائل دولة الأشرف برسباى في سنة خمس وعشرين وثمانمائة، ثم صار بعد انتقال قانى باى الأبوبكرى البهلوان إلى تقدمة ألف، ثانى رأس نوبة النّوب، ثم نقل إلى نيابة غزّة بعد عزل الأمير تمراز القرمشى وقدومه إلى الدّيار المصرية، وذلك في يوم الثلاثاء ثامن عشرين شوال سنة إحدى وثلاثين