وجاء القاصد المذكور ومعه أسيران من عظماء إسطنبول، وطلع بهما إلى السلطان وهما من أهل قسطنطينية، وهى الكنيسة العظمى بإسطنبول، فسرّ السلطان والناس قاطبة بهذا الفتح العظيم سرورا زائدا، ودقّت البشائر لذلك، وزيّنت القاهرة بسبب ذلك أياما، ثم طلع القاصد المذكور وبين يديه الأسيران المذكوران إلى القلعة في يوم الاثنين خامس عشرين شوال، بعد أن اجتاز القاصد المذكور ورفقته بشوارع القاهرة، وقد احتفلت الناس بزينة الحوانيت والأماكن، وأمعنوا في ذلك إلى الغاية، وعمل السلطان الخدمة بالحوش السلطانى من قلعة الجبل، وقد استوعبنا طلوع القاصد المذكور فى غير هذا المحل من مصنفاتنا بأطول من هذا.
وبالجملة فكان لمجىء هذا القاصد بهذه البشارة الحسنة أمير كبير، وعيّن السلطان من يومه الأمير يرشباى الإينالى المؤيّدى الأمير آخور الثانى- كان- بالتوجّه إلى ابن عثمان صحبة القاصد بالجواب السلطانى، وقد كتبنا صورة الكتاب الذي جاء من ابن عثمان على يد القاصد المذكور بفتح مدينة إسطنبول، والجواب الذي أرسله السلطان صحبة يرشباى هذا، كلاهما مثبوت في تاريخنا حوادث الدهور، إذ هو محل ضبط هذه الأمور- انتهى.
ثم رسم السلطان بالمناداة على زين الدّين يحيى الأستادار، وتهديد من أخفاه عنده بالشنق والتنكيل، ووعد من أحضره بألف دينار إن كان متعمما، «١» وبإقطاع إن كان جنديا «٢» .
ثم في يوم الاثنين ثالث ذى القعدة استقرّ القاضى محب الدين بن الشّحنة الحنفى كاتب سرّ مصر. بعد عزل القاضى محب الدين بن الأشقر «٣» .