للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وطلع من وقته إلى القلعة من أعلى الكبش، ولم يشق الرّميلة، وأعلم السلطان بخبره، فقامت لذلك قيامة المماليك الأجلاب، وقالوا: «نحن ضربناهم بالدبابيس فضربونا بالسيوف» ، وثاروا على أستاذهم ثورة واحدة، وساعدهم جماعة من المماليك القرانيص وغيرهم لما في نفوسهم من السلطان لعدم تفرقة الجمال وغيرها، ووقفوا بسوق الخيل وأفحشوا في الكلام في حقّ السلطان، وهددوه إن لم يسلم لهم الأمير يونس، والسلطان لا يتكلم إلى أن حرّكه بعضهم، فأرسل إليهم بالأمير جانبك الناصرى المرتد، والطواشى مرجان مقدّم المماليك السلطانية، فسألاهم عن غرضهم، فقالوا بلسان واحد: «نريد غريمنا الأمير يونس» ، وخشّنوا في القول، فعاد جانبك بالجواب، فأرسل السلطان إليهم ثانيا بنو كارالزردكاش، فأعادوا له القول الأول، ثم ساقوا غارة إلى بيت يونس الدّوادار «١» ، فمنعوهم مماليكه من الدخول إلى دار يونس، فجاءوا بنار ليحرقوا الباب، فمنعوهم من ذلك أيضا، فعادوا إلى سوق الخيل، فوافوا المنادى ينادى من قبل السلطان بالأمان، فمالوا على المنادى بالدبابيس، فسكت من وقته، وهرب إلى حال سبيله.

هذا وقد طلعت جميع أمراء الألوف إلى عند السلطان، والسلطان على حالة السكوت غير أنه طلب بعض مماليكه الأجلاب الأعيان، وكلمه بأنه يعطى من جرح من الأجلاب ما يكفيه، وأنه يعطى للذي قطعت أصابعه إقطاعا ومائة دينار «٢» ، فلم يقع الصلح، وانفضّ الأمر على غير طائل لشدة حرّ النهار.

ولما تفرّقت المماليك نزلت الأمراء إلى دورهم، ما خلا الأمير يونس الدوادار، فإنه بات في القلعة.

فلما أصبح يوم الثلاثاء أول شهر رجب ضرب السلطان الكرة مع الأمراء بالحوش السلطانى من القلعة، وفرغ من ذلك، وأراد كل أمير أن ينزل إلى داره، فبلغهم أن