المماليك الأجلاب وقوف على حالهم الأول بسوق الخيل «١» بغير سلاح كما كانوا في أمسه «٢» ، فلما تضحّى النهار أرسل إليهم السلطان بأربعة أمراء، وهم: الأمير يونس العلائى أحد مقدمى الألوف، وسودون الإينالى المؤيّدى قراقاش رأس نوبة ثان، ويلباى الإينالى المؤيّدى أحد أمراء الطبلخانات، ورأس نوبة، وبردبك البجمقدار أحد الطبلخانات أيضا ورأس نوبة، فنزلوا إليهم من القلعة فما كان إلا أن وقع بصر المماليك الأجلاب على هؤلاء الأمراء احتاطوا بهم، وأخذوهم بعد كلام كثير، ودخلوا بهم إلى بيت الأمير خشقدم أمير سلاح تجاه باب السلسلة، ورسّموا عليهم بعضهم.
كل ذلك والمماليك الظاهرية الجقمقية وقوف على بعد، لا يختلطون بهم، لينظروا ما يصير من أمرهم، فلما وقع ما ذكرناه تحققوا خروجهم على أستاذهم، وثار ما عندهم من الكمائن التي كانت كامنة في صدورهم من الملك الأشرف إينال لما فعل بابن أستاذهم الملك المنصور عثمان، وحبس خچداشيتهم، وتقريب أعدائهم الأشرفية مماليك الأشرف برسباى، فانتهزوا الفرصة، وانضافوا إلى المماليك الأجلاب، وعرّفوهم أن الأمر لا يتم إلا بحضرة الخليفة ولبس السلاح، فساق قانى باى المشطوب أحد المماليك الظاهرية من وقته إلى بيت الخليفة القائم بأمر الله حمزة، وكان في الخليفة المذكور خفة وطيش، فمال إليهم، ظنا أنه يكون مع هؤلاء وينتصر أحدهم ويتسلطن، فيستفحل أمره ثانيا أعظم من الأوّل، وسببه أنه كان لما ولّاه الظاهر جقمق الخلافة بعد أخيه المستكفى بالله سليمان صار تحت أوامر الظاهر، لأنه هو الذي استخاره وولاه الخلافة، فلما ثار إينال على المنصور عثمان وطلبه وجاء إلى عنده قوى أمر إينال بمجيء الخليفة عنده، فلما تسلطن عرف إينال له ذلك، ورفع محلّه أضعاف ما كان أوّلا، وزاده عدة إقطاعات، وصارت