ولما بلغ الأمير خشقدم أمر هذه الفتنة عاد من برّمنبابة، وطلع إلى القلعة، ومعه رفيقه قرقماس رأس نوبة النوب في يوم الأربعاء، وحضرا الموكب في باكر يوم الخميس، ثم عادا إلى برّمنبابة بمخيّمهما، ثم فرّق السلطان الجمال على المماليك السلطانيّة، وسافروا صحبة الأميرين المذكورين «١» إلى ما عيّنوا إليه، وتفرقت من يوم ذاك أجلاب السلطان فرقتين: فرقة وهم الذين اشتراهم من كتابية الظاهر جقمق وابنه، وفرقة اشتراهم هو في أيام سلطنته.
وقويت الفرقة الذين اشتراهم على الفرقة الظاهرية، ومنعوهم من الطلوع إلى القلعة، والسكنى بالأطباق، وقالوا ما معناه: إنكم سوّدتم وجوهنا عند أستاذنا، وأظن ذلك كلّه زورا وبهتانا مع أن الأشرف كان هو لا يقطع فيهم قربته بهذا ولا بغيره، وهو مستمر على محبتهم كما كان أولا، فلعمرى إذا كان هذا فعلهم به وهو راض، فما عساه يرجعهم عن ظلم غيره؟! فهذا مستحيل.
ولما انتهت الوقعة وخلع السلطان الخليفة أمسك جماعة من المماليك الظاهرية وحبسهم بالبرج من قلعة الجبل، ونفى بعضهم واختفى بعضهم، وأخرج قوزى السّاقى الظاهرى- وكان تأمر عشرة- ومعه عشرين مملوكا من المماليك الظاهرية إلى البلاد الشامية، مع أن قوزى المذكور لا في العير ولا في النّفير، وسافروا في يوم الجمعة تاسع شهر شعبان، وسكن الأمر كأنه لم يكن، لحسن سياسة السلطان فى تسكين أخلاط الفتن- انتهى.
وفي يوم الأربعاء حادى عشرين شعبان ورد الخبر على السلطان بمسك الأمير يشبك النّوروزى نائب طرابلس بأمر السلطان، لأن السلطان كان قبل تاريخه أرسل إينال الجلبّانى القجقى الخاصكى إلى طرابلس، وعلى يده ملطفات في الباطن،