وفي يوم الأربعاء ثالث عشرين شهر رمضان نودى بالقاهرة من قبل السلطان بعدم تعرّض المماليك الأجلاب إلى الناس والباعة والتجار، فكانت هذه المناداة كضرب رباب أو كطنين ذباب، واستمرّوا على ما هم عليه من أخذ أموال الناس والظلم والعنف حتى غلت الأسعار في سائر الأشياء من المأكول والملبوس والغلال والعلوفات، وصاروا يخرجون إلى ظواهر القاهرة، ويأخذون ما يجدون من الشّعير والتّبن والدّريس بأبخس الأثمان إن أعطوا ثمنا، وإن شاءوا أخذوه بلا ثمن، وكلّ من وقع له ذلك معهم لم يعد ثانيا إلى بيع ذلك الصنف إلا أن يكون محتاجا لبيعه، فعزّت لذلك هذه الأصناف بحيث إنها صارت أقل وجودا من أيّام الغلاء، فصار هذا هو الغلاء بعينه، وزيادة على الغلاء عدم الشيء.
ثم شرعوا في نهب حواصل البطيخ الصيفى وغيره، ثم تزايد أمرهم، وشرعوا يفعلون ذلك مع تجار القماش وغيره، فغلت جميع الأسعار مع كثرتها عند أربابها، فضرّ ذلك بحال الناس قاطبة، رئيسها وخسيسها، وهذا أول أمرهم «١» ، وما سيأتى فأهول.
وفي يوم الاثنين تاسع عشر شوال خرج أمير حاج المحمل بالمحمل من بركة الحاج «٢» ، وهو الأمير قائم من صفر خجا أحد مقدّمى الألوف، وسار إلى البركة دفعة واحدة، فكان عادة أمراء المحمل النزول بالمحمل إلى الريدانية، فبطل ذلك، وصاروا يتوجهون إلى البركة في مسير واحد، وأمير الرّكب الأوّل عبد العزيز بن محمد الصغير أحد الأجناد.
وفي هذه الأيّام كانت عافية الصاحب جمال الدين ناظر الجيش والخاص من مرض