تسبق له رئاسة في نوع من الأنواع؛ لأن كلا الوالد والولد عار عن الكتابة ومعرفة قلم الديونة، ولم يكن لهما صنعة غير الرّسليّة والبردداريّة لا غير، فباشر الحاج محمد هذا الوزر أحد عشر يوما وعزل، وأعيد الصاحب شمس الدين منصور للوزر ثانيا.
وفي يوم الاثنين ثانى عشر شهر ربيع الأول استقر الأمير تغرى بردى الأشرفى أحد أمراء العشرات نائب الكرك، وأنعم بإقطاعه على ابن الأمير بردبك الدّوادار الثانى والمنعم عليه هو ابن بنت السلطان.
ثم في يوم الخميس ثانى عشرينه استقر الأمير تمرباى ططر الناصرى أحد أمراء العشرات أمير حاج المحمل.
ثم في يوم الأحد خامس عشرين شهر ربيع الأول المذكور عمل السلطان المولد النبوى بالحوش السلطانى على العادة في كل سنة، وأحضر السلطان جاكم الفرنجى ابن صاحب قبرس، وأجلسه عند أعيان مباشرى الدّولة، فعظم ذلك على الناس قاطبة.
قلت: ولعلّ السلطان ما أحضره في هذا المجلس إلا ليريه عزّ الإسلام وذلّ الكفر.
ثم في أول شهر ربيع الآخر ظهر الطاعون بمدينة بلبيس وخانقاه سرياقوس من ضواحى القاهرة.
وكان أول الشهر يوم الجمعة الموافق لأول طوبة من شهور القبط. فتخوّف كلّ أحد من مجىء الطاعون إلى القاهرة، هذا مع ما الناس فيه من جهد البلاء من غلوّ الأسعار وظلم المماليك الأجلاب الذي خرج عن الحد، وعدم الأمن، وكثرة المخاوف فى الأزقّة والشوارع، بحيث إن الشخص صار لا يقدر على خروجه من داره بعد أذان عشاء الآخرة، حتى ولا لصلاة الجماعة، ولو كان جار المسجد، وإن أذّن مؤذن العشاء والشخص خارج عن داره هرول في مشيه وأسرع لئلا تغلق عليه الدروب التي عمرتها رؤساء كلّ حارة؛ خوفا على بيوتهم من المناسر والحرامية، لأن والى القاهرة خيربك القصروى حطّ عنه أمور الناس «١» ، وانعكف على ما هو عليه من المفاسد، وسببه