وفي يوم الاثنين خامس عشرينه عجز الأمير زين الدين الأستادار عن القيام بجامكية المماليك السلطانية، فقام إلى السلطان شخص من الخاصكية الأجلاب يسمى جانبيه المجنون، وقال للسلطان:
«الملوك التي كانت قبلك كانوا ينفقون الجوامك، لأى شىء أنت ما تعطى مثلهم؟» .
فغضب السلطان من كلامه، وطلب العصى ليضربه، فخرج جماعة من الأجلاب من خچداشيته، وجذبوه من بين يدى السلطان، وتوجهوا به إلى الطبقة، ولم يتكلم السلطان بكلمة واحدة.
هذا والطاعون أمره في زيادة، فلما استهلّ جمادى الأولى الموافق لتاسع عشرين أمشير كان فيه التعريف: أعنى عدة من يرد اسمه الديوان من الأموات ستين نفرا، وهذا خلاف الأماكن المقدم ذكرها من البيمارستان والطرحى والقرافتين والصحراء ومصر وبولاق، وأما نواحى أرياف الوجه البحرى ففى زيادة، حتى قيل إنه كان يموت من خانقاه سريا قوس في اليوم ما يزيد على مائتى نفر، ووصل في هذه الأيام عدة من يموت بالمحلة الكبرى- إحدى قرى القاهرة «١» - كل يوم زيادة على مائتين وخمسين إنسانا، وهذا أمر كبير؛ كون أن المحلة وإن كانت مدينة هى قرية من القرى، ومثلها كثير من أعمال الديار المصرية.
غير أن ذلك كان نهاية الطاعون بها وابتداءه بالقاهرة؛ فإن الطاعون كان وقع بالأرياف قبل القاهرة بمدّة، فلما أخذ الطاعون في انحطاط من الأرياف أخذ في الزيادة بالقاهرة ومصر وضواحيها، كما هى عادة الطاعون وانتقاله من بلد إلى أخرى.
وفي يوم الثلاثاء عاشر جمادى الأولى من سنة أربع وستين المذكورة أنعم السلطان