للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا ضواحى القاهرة وإقليم الشرقية والغربية من الوجه البحرى فقد تزايد الطاعون فيها حتى خرج عن الحد، وهو إلى الآن في زيادة.

وكان أمر الطاعون في القرى أنه إذا وقع بقرية يفنى غالب من بها، ثم ينتقل إلى غيرها وربما اجتاز ببعض القرى ولم يدخلها، فسبحانه يفعل في ملكه ما يريد.

وفي يوم الخميس حادى عشرينه ضرب المماليك الأجلاب الأمير زين الدين الأستادار بسبب عليق الخيول ضربا مبرحا، وانقطع بسبب ذلك عن الخدمة أياما كثيرة.

وفي يوم السبت ثالث عشرينه وقع من بعض المماليك الأجلاب إخراق في حق الأمير يونس الدّوادار، والشخص المذكور يسمى قانصوه، وكان ذلك في الملأ من الناس، ونزل الأمير يونس إلى داره وهو في غاية ما يكون من الغضب، فما كفى قانصوه المذكور ما وقع منه في القلعة في حق الأمير يونس، حتى نزل إليه بداره وأساء عليه ثانيا بحضرة مماليكه وحواشيه، فلم يسع الأمير يونس المذكور إلا أن قام من مجلسه وعزل نفسه عن الدّوادارية، ودخل إلى داره من وقته، وأقام بها من يومه.

ثم في الغد لم يقع من السلطان على قانصوه المذكور- بسبب ما وقع منه في حق الأمير يونس- كبير أمر، ولا كلّمه الكلام العرفى، غير أن ابن السلطان الشهابى أحمد أرسل سأل الأمير يونس في الطلوع إلى القلعة وحضور الخدمة.

ثم إنّ بعض الأمراء أخذ قانصوه المذكور وأتى به إلى الأمير يونس حتى قبّل يده، ولا زال ذلك الأمير وغيره بالأمير يونس حتى رضى عنه بعد أن أوسعه سبّا وتوبيخا، وذلك حيث لم يجد يونس له ناصرا ولا معينا.

وأغرب من هذا أنه بلغنى أن قانصوه لما أفحش في أمر الأمير يونس أولا ربما أضاف إليه السلطان في بعض الإساءة، والسلطان يسمع كلامه.

قلت: إن صح هذا فهو مما يهوّن على الأمير يونس ما وقع في حقه من قانصوه.