وفي يوم الأربعاء سادس عشره- الموافق لرابع عشر برمودة- ارتفع الوباء من بولاق، وكان الذي مات بها في اليوم «١» ثلاثة نفر، وقيل سبعة وقيل عشرة.
هذا بعد أن كان يموت في اليوم «٢» ثلاثمائة وأربعمائة، ويقول المكثر خمسمائة- فسبحانه وتعالى فاعلا مختارا يفعل في ملكه ما يشاء.
وأخذ الطاعون في هذه الأيّام يخف من ظواهر القاهرة، مثل الحسينيّة وغيرها، وعظم في القاهرة وما حولها من جهة الصّليبة والقلعة وقناطر السّباع، وكان الذي مات من المماليك الأجلاب الإيناليّة في هذا الطاعون- إلى يوم الجمعة تاسع عشر جمادى الآخرة- ستمائة مملوك وثلاثين مملوكا. إلى لعنة الله وسقر، إلى حيث ألقت.
ومما وقع لى من أوائل هذا الفصل قولى على سبيل المجاز:[السريع]
قد جاءنا الفصل على بغتة ... مستجلبا حلّ مجدّ الطلب
من كثرة البغى وظلم بدا ... يخصه الله بمن كان جلب
وفي يوم الاثنين حادى عشرين جمادى الآخرة- الموافق لتاسع عشر برمودة، وهو أول خمسين «٣» النصارى- فيه ظهر نقص الطاعون بالقاهرة، وكان ابتداء النقص من يومى الخميس والجمعة.
وفي يوم الاثنين هذا كان عدة من صلى عليه بمصلاة باب النصر ثلاثمائة وخمسين إنسانا، وبجامع الأزهر ستمائة إنسان، وهو أكثر ما وصل إليه العدة بالجامع المذكور، لأن غالب الطاعون الآن هو بالقاهرة، وكان عدّة من صلى عليه بمصلاة البياطرة مائتين وأربعة، وهو بحكم النصف مما كان صلى عليه بها قبل ذلك، وكان عدّة من صلى عليه بمصلاة المؤمنى مائتين وثمانين نفرا، وهو أقل من النصف أولا، ونحن نذكر- إن شاء الله تعالى- عدة هذه المصلوات في يوم الاثنين القابل؛ ليعلم الناظر في هذا الكتاب كيفية انحطاط الطاعون عند زواله من اليوم إلى مثله.