صاحب القول الثانى على عدّة من صلّى عليه في هذا اليوم المذكور بمصلاة باب النصر، وقال: إن كل مائة ميت بمصلاة باب النصر بثلاثمائة وستين ميتا، وجاءت مصلاة المؤمنى في هذا اليوم أربعمائة وسبعة عشر ميتا، وهذا كله تقريبا لا تحريرا على الأوضاع.
ثم في يوم الثلاثاء ثامن جمادى الآخرة عمل السلطان الموكب بالحوش السلطانى لأجل قصّاد الفرنج، وحضرت الفرنج وقبلوا الأرض ونزلوا أيضا على غير طائل.
وفي يوم الجمعة حادى عشره كان فيه التعريف مائتين وثمانين، وجاءت مصلاة باب النصر على حدتها خمسمائة وسبعين.
وفيه ضربت المماليك الأجلاب الوزير سعد الدين فرج بن النحّال ضربا مبرحا؛ لكونه لم يزد راتب لحمهم.
وفي يوم الاثنين رابع عشر جمادى الآخرة كان فيه التعريف نحو ثلاثمائة إنسان، منهم مماليك خمسة وسبعون، منهم خمسة وثلاثون من مماليك الأمراء وغيرهم، ومن بقى سلطانية، وأما الذي ضبط في هذا اليوم ممن صلى عليه من الأموات باثنتى عشرة مصلاة أربعة آلاف إنسان، وفي ذلك نظر؛ لأن مصلاة باب النصر وحدها جاءت في هذا اليوم خمسمائة وسبعين، ومصلاة البياطرة أربعمائة وسبعين، وجامع الأزهر ثلاثمائة وستة وتسعين، فمجموع هذه المصليات الثلاث من جملة سبع عشرة مصلاة أو أكثر ألف وأربعمائة وستة نفر، فعلى هذا كيف يكون جميع من مات في هذا اليوم أربعة آلاف؟! فهذا محال، وهذا خارج عن القرافتين والحسينية والصحراء وبولاق ومصر القديمة، إلا أن غالب من يموت صغار وعبيد وجوار.
غير أن هذا الطاعون كان أمره غريبا، وهو أن الذي يطعن فيه قلّ أن يسلم، حتى قال بعضهم: لعل إن من كل مائة مريض يسلم واحد، فأنكر ذلك غيره وقال: ولا كل ألف- مبالغة.