وكانت مدة تحكم الملك الأشرف إينال هذا- من يوم تسلطن بعد خلع الملك المنصور عثمان إلى هذا اليوم، وهو يوم خلع نفسه من السلطنة- ثمانى سنين وشهرين وستة أيام.
ومات في يوم الخميس خامس عشر جمادى الأولى بعد خلعه بيوم واحد بين الظهر والعصر، فجهّز من وقته، وغسّل وكفن، وصلى عليه بباب القلة من قلعة الجبل، ودفن من يومه بتربته التي عمّرها بالصحراء، وقد ناهز الثمانين من العمر، وكان چاركسى الجنس، وقد تقدّم الكلام على أصله، وجالبه إلى القاهرة، وكيفية ترقيه إلى أن تسلطن فى أول ترجمته من هذا الكتاب.
وكانت صفته- رحمه الله- أخضر اللون للسمرة أقرب، طوالا، غالب طوله من وسطه ونازل، قصير البشت «١» ، رقيق الوجه نحيف اليد؛ لحيته في حنكه، وهى شعرات بيض، ولهذا كان لا يعرف إلا بإينال الأجرود، وفي كلامه رخو مع خنث كان في لهجته، ولهذا لما لبس السّواد خلعة السلطنة كان فيها غير مقبول الشكل، لكونه أسمر اللون، والخلعة سوداء، فلم تبتهج الناس برؤيته، ولذلك أسباب:
السبب الأول. ما ذكرناه من صفته وسواد الخلعة، والسبب الثانى وهو الأغلب لقرب عهد الناس من شكل الملك المنصور عثمان «٢» الشكل الظريف «٣» البهى، والفرق واضح لأن المنصور كان سنه دون العشرين سنة من غير لحية، وهو في غاية الحسن والجمال- أحسن الله عونه- والأشرف إينال هذا سنه فوق السبعين، وقد علمت صفته مما ذكرناه، فلا لوم على من لا يعجبه شكل الأشرف إينال ولا عتب، وكان له محاسن ومساوى، والأول أكثر.
فأما محاسنه، فكان ملكا جليلا، عاقلا رئيسا سيوسا، كثير الاحتمال، عديم