أو قصدهم في حاجة دنيويّة، فهو أحق بما يحل به، لأنه هو الساعى في إيذاء نفسه، والمثل يقول:«من قتلته يديه لا بكاء عليه» .
نعم وكان من مساوئه مخافة السبل في أيامه بالقاهرة والأرياف، حتى تجاوز الحدّ، وعمّرت الناس على بيوتهم الدروب لعظم خوفهم من دقّ المناسر وقطّاع الطريق بالأرياف، مع أنه كان قاطعا للمفسدين، غير أن الحمايات كانت كثيرة في أيامه، وهذا أكبر أسباب خراب الدّيار المصرية وقراها، ومن يوم تجددت هذه الحمايات فسدت أحوال الأرياف قبليها وبحريها، وهذا البلاء ما كثر وفشا في الدّولة إلا بعد الدّولة المؤيّديّة شيخ، واستمرت هذه السنة «١» القبيحة إلى يومنا هذا، والعجب أنه ليس لها نفع على السلطان ولا على بلاده، وإنما هى ضرر محض على السلطان والناس قاطبة، والملك لا يلتفت إلى إزالتها، مع أنه لو منع ذلك لم يضر أحد من الناس، وانتفع الناس جميعا بمنعها، وعمرت غالب البلاد، وتساوت الناس، وبالمساواة تعمر جميع الممالك، غير أن الفهم والعقل والتدبير منح إلاهية، فلا يفيد الكلام في ذلك، ولله در القائل:
[الوافر]
. لقد أسمعت لو ناديت حيّا ... ولكن لا حياة لمن تنادى
ونار لو نفخت بها أضاءت ... ولكن أنت تنفخ في الرماد
وقد خرجنا عن المقصود.
ولما كثر فساد المماليك الأجلاب عمل بعض الظرفاء بلّيقا «٢» ، ذكر فيه أفعال الأجلاب ومساوئهم، واستطرد إلى إلى أن قال في آخره:
حاشا لله دوام هذى النقمه ... ونحن أفضل برية من أمه