ولما تسلطن الملك الظاهر جقمق استقر بدولات باى هذا أمير آخور ثانيا، بعد مسك الأمير نخشباى الأشرفى وحبسه. ثم نقل [دولات باى]«١» بعد أيام إلى الدوادارية الثانية، بعد الأمير أسنبغا الطّيّارى، بحكم انتقاله إلى إمرة مائة وتقدمة ألف، كلّ ذلك فى سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة.
فباشر [دولات باى]«٢» الدّواداريّة بحرمة وافرة، ونالته السعادة، وأثرى وجمع الأموال الكثيرة، وعمّر الأملاك الهائلة، إلى أن أنعم عليه السلطان بإمرة مائة وتقدمة ألف في صفر سنة ثلاث وخمسين، بعد موت الأمير تمراز القرمشى الظاهرى، فلم تطل أيامه في التقدمة.
وولى [دولات باى]«٣» الدّواداريّة الكبرى- بمال بذله، نحو العشرة آلاف دينار- عوضا عن قانى باى الچركسى، بحكم انتقاله إلى الأمير آخورية الكبرى، بعد موت الأمير قراخجا الحسنى.
ولما ولى الدّواداريّة الكبرى خمدت ريحه، وانحطت حرمته، بالنسبة إلى ما كانت عليه أيام دواداريّته الثانية، والسببية واضحة؛ وهى أنه كان أوّلا مطلوبا، والآن صار طالبا.
ثم سافر [دولات باى]«٤» أمير حاج المحمل بعد مدّة، وكان وليها مرّة أولى في سنة تسع «٥» وأربعين، فهذه المرّة الثانية في سنة ست وخمسين، وعاد في سنة سبع وخمسين، وقد خلع الملك الظاهر جقمق نفسه من الملك وسلطن ولده الملك المنصور عثمان، فأقام فى دولة المنصور دوادارا على حاله، وقد خاف من صفير الصافر، فلم يكن بعد أيام إلا وقبض عليه في يوم الخميس ثانى عشر صفر من السنة المذكورة، وحمل إلى الإسكندرية، فحبس بها شهرا وأياما، وأطلقه الملك الأشرف إينال، وأحضره إلى القاهرة، ثم أنعم عليه بعد مدة بإقطاع الأمير أرنبغا اليونسى، فلم تطل أيّامه إلا نحو الشهر، ومرض ومات في التاريخ المقدّم ذكره.