ولقد قال لى بعض الحذّاق إن سبب موته إنما كانت طربة «١» يوم أمسك، ودامت الطّربة إلى أن قتلته. قلت: وأنا لا أستبعد هذا، لما كان عنده من الجبن والحذر، وعدم الإقدام، على أنه كان مليح الشكل، متجملا في ملبسه ومركبه، وقورا في الدول، إلا أنه لم يشهر بشجاعة ولا كرم في عمره.
وتوفّى الأمير سيف الدين قانصوه بن عبد الله النّوروزى أحد أمراء دمشق بها في أواخر جمادى الأولى، وله من العمر نحو الستين سنة تخمينا، وكان أصله من مماليك الأمير نوروز الحافظىّ نائب الشّام، وصار خاصّكيّا بعد موته في الدولة المؤيّديّة شيخ، ثم تأمّر عشرة بعد موت المؤيّد، ثم صار أمير طبلخاناه في دولة الظاهر ططر، ودام على ذلك سنينا كثيرة إلى أن أخرجه الملك الأشرف برسباى إلى نيابة طرسوس، ثم نقله إلى حجوبية حلب، ثم تقدمة ألف بدمشق، ثم خرج على الملك الظاهر جقمق، ووافق الأمير إينال الجكمى على العصيان، فلما كسر الجكمى اختفى قانصوه مدة، ثم ظهر وتنقّل أيضا في عدة أماكن، وهو في جميع ما يتحرّك فيه مخمول الحركات إلى أن مات، وكان مليح الشكل، وعنده شجاعة ومعرفة برمى النشّاب، إلا أنه كان خاملا، ما أظنه ملك في عمره ألف دينار، ولولا الحياء لقلت ولا سلّاريّا ثانيا، وفي هذا كفاية.
وتوفّى الأمير سيف الدين قشتم بن عبد الله المحمودى الناصرى نائب البحيرة قتيلا في واقعة كانت بينه وبين العربان الخارجة عن الطاعة في أواخر شهر رجب، وقد ناهز الستين من العمر، وكان أميرا جليلا عاقلا حشما وقورا شجاعا مقداما كريما