رؤساء الدّيار المصرية، من بيت رئاسة وكتابة، وجدّهم الهيصم ينسب إلى المقوقس صاحب مصر، وقد ولى الصاحب أمين الدين هذا الوزر غير مرة، وحج وتفقّه على مذهب الحنفية، وكان محبا للفقراء وأهل الخير محبة زائدة، وكان مشهورا بالصلاح، وكان يتجنّب النصارى، ولا يتزوج إلا من المسلمات، وبالجملة فإنه نادرة في أبناء جنسه، وله محاسن كثيرة- رحمه الله تعالى.
وتوفى الأمير يشبك بن عبد الله الناصرى أحد أمراء الطّبلخانات ورأس نوبة ثان، فى يوم الأحد ثامن عشر صفر، وقد ناهز السبعين، وكان من مماليك الناصر فرج، وخدم فى أبواب الأمراء بعد موت أستاذه، وانحط قدره إلى أن عاد إلى خدمة السلطان بعد موت الملك المؤيّد شيخ، وصار خاصّكيّا إلى أن تأمر عشرة في أوائل سلطنة الملك الظاهر جقمق، وصار من جملة رءوس النّوب، ودام على ذلك إلى أن نقله الملك المنصور عثمان إلى إمرة طبلخاناه بعد انتقال جانبك القرمانى إلى طبلخاناه الأمير يونس الأقبائى المشد بحكم انتقال يونس إلى تقدمة ألف.
ثم صار في دولة الملك الأشرف إينال ثانى رأس نوبة النّوب، فدام على ذلك إلى أن مات في التاريخ المقدم ذكره، وكان يشبك المذكور من مساوئ الدهر، لا دنيا ولا دينا، ولا ذاتا ولا أدوات- عفا الله عنا وعنه.
وتوفى الأمير سيف الدين خير بك بن عبد الله المؤيدى الأجرود، أحد مقدمى الألوف بالديار المصرية في يوم الاثنين تاسع عشرين شهر ربيع الآخر، وهو فى حدود الستين، وحضر المقام الشهابى أحمد بن السلطان الصلاة عليه بمصلاة المؤمنى، وكان أصله من مماليك الملك المؤيّد شيخ، وترقى بعده حتى صار خاصّكيّا فى دولة الملك الأشرف برسباى.
ثم نفاه الأشرف إلى الشّام، وأنعم عليه بإمرة طبلخاناه، ثم صار أمير مائة ومقدّم ألف بدمشق، ثم صار أتابكا بها، ثم أمسك وحبس إلى أن أطلقه الأشرف إينال، فقدم القاهرة.