ولم يعلم أحد من هو القائم بالفتنة، فلم يلتفت السلطان لهذا الكلام.
ثم في يوم الخميس ثالث عشر جمادى الآخرة قرئ تقليد السلطان الملك المؤيد بين يديه بالقصر الأبلق، تولى قراءته القاضى محبّ الدين بن الشّحنة كاتب السّرّ، وهو من إنشائه، وحضر الخليفة المستنجد القراءة والقضاة الأربعة، وغالب أركان الدّولة وأمرائها، فلما تمت القراءة خلع السلطان على الخليفة فوقانى حرير [بوجهين]«١» أخضر وأبيض بطرز زركش، وقيّد له فرسا بسرج ذهب، وكنبوش زركش، ثم خلع على القضاة كوامل بمقالب سمور، وانفضّ الموكب.
وفي يوم السبت خامس عشر وصل إلى القاهرة قاصد الأمير جانم الأشرفى نائب الشام، وعلى يده كتاب مرسله يتضمن أنه حصل له سرور زائد بسلطنة الملك المؤيد، وأنه مستمرّ على طاعته، ممتثل أوامره.
وفيه أيضا ورد الخبر بأن عرب لبيد العصاة نزلوا البحيرة، ونهبوا الأموال، [وشنوا الغارات]«٢» ، فعيّن السلطان تجريدة من الأمراء، وأمرهم بالتجهيز والسفر إلى البحيرة.
ثم في يوم الأربعاء رابع شهر رجب وصل الأمير تمراز الإينالى الأشرفى الدوادار- كان- من طرابلس إلى الديار المصرية بغير إذن السلطان، ولم يجتز بمدينة قطيا، ونزل عند الأتابك خشقدم، وأرسل دواداره إلى الملك المؤيد، أعلمه بمجئ تمراز المذكور، فقامت قيامة السلطان لمجيئه على هذه الصورة، وغضب غضبا شديدا، ورسم بإخراجه من القاهرة لوقته، فأخذ تمراز في أسباب الردود والخروج إلى خانقاه سرياقوس، فشفعت الأمراء فيه في عصر يومه بالقصر، فقبل السلطان شفاعتهم على أنه يقيم بالقاهرة ثلاثة أيام لعمل مصالحه، ثم يسافر إلى حيث جاء منه، فعاد تمراز من جهة الخانقاه إلى القاهرة، فترقّب كلّ أحد وقوع فتنة، لأن تمراز هذا شرّ مكانا، ودأبه الفتنة وإثارة الفتن، وهو