ثم في يوم الجمعة العشرين من شهر رجب المذكور نزل السلطان الملك المؤيد أحمد من قلعة الجبل إلى جهة العارض «١» خلف القلعة، وعاد بسرعة إلى القلعة، وهذا أول نزوله من يوم تسلطن، قلت: وآخر نزوله؛ فإنه لم ينزل بعدها إلا بعد خلعه إلى الإسكندرية.
وفيه أمطرت السماء بردا، كل واحد مقدار بيضة الحمام، فأتلفت غالب الزرع، وأهلكت كثيرا من ذوات الجناح، وكان معظم هذا المطر بقرى الشرقية من أعمال القاهرة، وببعض بلاد من المنوفية والغربية، وقليلا بإقليم البحيرة.
وفي يوم الخميس سادس عشرينه رسم السلطان بنفى سنطباى قرا الظاهرى إلى البلاد الشامية، وسببه أن سنطباى هذا كان من المنفيين إلى طرابلس في دولة الملك الأشرف إينال، فلما سمع بموت الأشرف قدم القاهرة بغير إذن واختفى بها نحو الشهر عند بعض خچداشيته، ففطن السلطان به فرسم بنفيه، فاجتهدت خچداشيته الظاهريّة في إقامته، فلم تقبل فيه شفاعة، فخرج من يومه، وعظم ذلك على خچداشيته الظاهرية في الباطن، قلت: ولا بأس بما فعله السلطان في إخراج سنطباى المذكور على هذه الهيئة، فإنه أخرج قبله تمراز من الأشرفية، ثم أخرج هذا من الظاهرية، فكأنه ساوى بين الطائفتين، هذا والناس في رجيف من كثرة الإشاعة بوقوع فتنة.
ثم في يوم الاثنين سابع شعبان استقر شادبك الصارمى- أحد أمراء الألوف بدمشق- أتابكا بحلب، على مال بذله في ذلك، نحو العشرة آلاف دينار.
وفيه وصلت رسل السلطان إبراهيم بن قرمان إلى القاهرة بهديّة إلى السلطان، وقبل هديّة مرسلهم، ورحّب بهم.
ثم في يوم الخميس سابع عشر شعبان وصل إلى القاهرة الشرفى يحيى ابن الأمير جانم نائب الشام، وطلع إلى السلطان من الغد، وقبّل الأرض نيابة عن أبيه، وسأل